الازهر

[الازهر][twocolumns]

مجالس العلماء

[مجالس العلماء][bsummary]

س و ج

[س وج][grids]

سلسلة بناء أمة ...من دروس السيرة النبوية ( من الظلمات إلى النور) للدكتور راغب السرجاني ( الحلقة 18 )

سلسلة بناء أمة ...من دروس السيرة النبوية ( من الظلمات إلى النور) للدكتور راغب السرجاني ( الحلقة 18 )

تكملة قصة إسلام سلمان الفارسي وبحثه عن الهداية قبل البعثة وبعدها :

بقي حياة طويلة من الكفاح والبحث عن الحق رضي الله عنه وأرضاه، ونحن نكسل عن البحث في المكتبة عن كتاب -وهو داخل البيت- من أجل معلومة معينة، انظر لـ سلمان الفارسي من بلد إلى بلد من أجل أن يعبد الله عز وجل حق العبادة.

عاش سلمان في نصيبين مع الرجل فترة، وكان رجلاً صالحاً، ثم ما لبث أن حضرته الوفاة، فقال له سلمان: إلى من توصي بي؟ قال: أي بني! والله ما أعلم أحداً بقي على أمرنا إلا رجلاً بعمورية -تركيا حالياً- فالحق به، يقول سلمان: فلحقت بصاحب عمورية، وكان الرجل على هدي أصحابه، فاكتسبت من التجارة حتى كان لي بقرات وغنيمة، ثم حضرت الرجل الوفاة، فقال له سلمان: إلى من توصي بي؟ فقال الرجل: أي بني! والله ما أعلم أن أحداً قد أصبح على ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام، يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، بها علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال سلمان: ثم مات الرجل.

ثم مكث سلمان رضي الله عنه فترة في عمورية وهو يبحث عن طريقة يصل بها إلى أرض العرب، حتى مر به مجموعة من التجار، فقال لهم: تحملونني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي، قالوا: نعم، يريد أن يضحي بكل الذي امتلكه من أجل أن يصل إلى هذا الدين، يقول: فأعطيتهم إياها وحملوني، حتى إذا قدموا به وادي القرى في شمال المدينة المنورة ظلموني، فباعوني إلى رجل من يهود عبداً، ثم مرت الأيام وسلمان الفارسي عبد وقد كان ابناً لأحد رؤساء القرى في بلاد فارس.
اقرأ أيضا :سلسلة بناء أمة ...من دروس السيرة النبوية ( من الظلمات إلى النور) للدكتور راغب السرجاني ( الحلقة 17 )

يقول سلمان: فبينما أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة صلى الله عليه وسلم فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي -يعني: أعلى النخلة- أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس إذا أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال: قاتل الله بني قيلة -الأوس والخزرج-، والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي، يقول سلمان: فلما سمعتها أخذتني العرواء -رعشة شديدة في جسده- حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا، أقبل على عملك، فقلت: لا شيء لا شيء، إنما أردت أن أستثبت عما قال.

ثم كانت له قصة إسلام لطيفة مع رسول الله ليس الآن مجال ذكرها.
الشاهد من القصة أن بقاع النور في الأرض كانت محدودة، لم تكن مدناً ولا قرى، بل كانوا أفراداً بعينهم، سلمان رضي الله عنه وأرضاه يقطع المسافات والمسافات بحثاً عن رجل واحد من أصبهان إلى الشام، إلى الموصل، إلى نصيبيين إلى عمورية، إلى الرق في وادي القرى، ثم إلى المدينة، إلى أن جاء الرسول ﷺ.
ولو رضي سلمان بحاله في بلاد فارس لظل إلى آخر حياته جليساً للنار، يشعلها كلما خبت، فأي وقت كان سيضيع وأي عمر كان سيهدر.

لما أسلم سلمان أصبح من أعظم رجال الأرض، بل ارتفع به رسول الله إلى أعلى الدرجات فقال في حقه: (سلمان منا آل البيت).

حال مكة قبل البعثة النبوية:

أما الوضع في مكة نفسها فما كان يختلف عن ذلك كثيراً، لم يكن هناك على الدين الصحيح إلا القليل
مثل: زيد بن عمرو بن نفيل أبو سيدنا سعيد بن زيد رضي الله عنه وأرضاه صاحب رسول الله، وكان زيد بن عمرو بن نفيل حنيفياً على ملة إبراهيم عليه السلام.

كذلك كان ورقة بن نوفل قد تنصر.

ليست هناك تعليقات: