قراءة فى كتاب الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية
تتفق او تختلف مع توجه كتاب الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية للشيخ الأزهرى خليل عبد الكريم ، وكاتب المقال الاستاذ شقيق الطاهر .. فهذا شأنك لكن ظنى انه كتاب مهم يستحق المناقشة ، وتقديرى ان معظم الرويات التى يستند اليها الكتاب مبتورة السياق ، ومنتقاه لخدمة فكرة محددة وهى ان شريعة المسلمين كانت موجودة قبل الاسلام ..والحقيقة كما اعتقد ان الاسلام دين الله الخاتم وشريعته متكاملة فاذا توافقت بعض عبادات الاولين فى جزيرة العرب او غيرها مع الشريعة هذا لايعنى ان الشريعة استعارتها من زمن الجاهلية ، فقد كان الصينيون القدماء يحترمون المرأة ، وكان المصريون الفراعنة يخلدون الاموات ويعتقدون انها ستعود ثانية ، وبعضهم اعتقد ان هناك حساب ورب أعلى يحاسب البشر ..توافق الشريعة مع عبادات الاوليين دليل على انها شريعة متكاملة ويحسب لها وليس عليها
احمد الدسوقى
بقلم شقيق الطاهر
ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته ؟ّ!
السؤال الذى يسأله انصار تطبيق الشريعة الإسلامية بكل برأءة وسذاجة لكل من يطالب بالاخذ بالحداثة والتنظيمات الاجتماعية الجديدة وترك القديم الذى لم يعد يناسب عصرنا ،هذا السؤال الساذج تحول إلى أداه للسخرية من هؤلاء المتديين المؤمنين بإن الشريعة الإسلامية هى من عند الله وبالتالى هى شريعة الله التى يجب أن تطبق على المسلمين جميعا ومن يرفضها كافر زنديق أو علمانى ملحد لا يعترف بوجود إله ينظم شئون هذا الكون وفى القلب منه هذا الكوكب الازرق الجميل ..لكن لو تعمق هؤلاء المؤمنيين السذج فى حال شريعتهم التى يقاتلون فى سبيل وضعها موضع التنفيذ ويقطعون الرؤوس فى سبيلها وهم سعداء ظنا منهم انهم ينفذون أوامرربهم وتعليماته التى وردت فى القرآن والسنة ..لو أعملوا عقولهم وشغلوا أدمغتهم لوجدوا ان هذه الشريعة ما هى إلا عادات وتقاليد العرب قبل الإسلام أضفى عليه محمد هاله من القداسة فأصبحت أحاكم ربانية لايجوز الألتفات عنها أو تجاهلها ..طبعا لو ان مسلما وسطيا من أياهم قرأ هذه المقدمة سيمط شفتيه غاضبا وسيتجاهل هذا الكلام وقد يمتنع عن إكمال الموضوع إلى نهايته بأعتباره حرام أو فيه هجوم وانتقاد وطعن فى الشريعة الإسلامية ..ولكن نقول له مهلا يا أخا الإسلام ليس هناك جهل نافع ولا معرفة ضارة ..
فقد يندهش كثير من المؤمنين بالدين الإسلامى لو عرفوا ان دينهم أخذ الكثير من الشعائر الدينية والتعبدية من العرب"الكفار" قبل الإسلام ونسبها إلى الإسلام أولها شعيرة الحج والعمرة وتعظيم الكعبة بأعتبارها بيت الله الحرام وشهر رمضان وحرمة القتال فى الأشهر الحرام..ليس ذلك فحسب بل أخذ ثلاثه حدود نقلها من عرب الجاهليه وجعلها فى الشريعة الإسلامية هذه الحدود هى حد السرقة وحد الزنا وحد شراب الخمر ،ليس ذلك فقط بل أخذ شطرا كبيرا من المسئولية الجزائية مثل القصاص والدية والقسامة والعاقلة ...الخ
وفى أحيانا كان يأخذ النظام بأكمله دون تحوير سوى تغير الإسم واحيانا يأخذ النظام مع بعض التغيرات الطفيفة سواء بالزيادة أو النقصان .
العرب هم مادة الإسلام كما قال العميد الدكتور طة حسين ، فهم مصدر قوته العسكرية فى الغزوات التى أدت غلى نشر الإسلام من أسبانيا غربا وحتى الصين شرقا ، والعرب أيضا هم مصدر معظم الأحكام والتقاليد والأعراف التى جاء بها الإسلام أو شرعها ، ويمكننا بكل ثقة أن نؤكد أن الإسلام ورث الشئ الكثير بل والبالغ الوفرة فى كافة المناحى الاقتصادية والأجتماعية والدينية التعبدية وفيما يلى سنورد لكم البعض من هذه الأمور بقدر ما تحتملها المساحة المحددة للمقال .
الشعائرالتعبدية
1- تقديس الكعبة
كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ورغم انه كان يوجد ما يزيد عن احدى وعشرين كعبه فى جزيرة العرب- قبل الإسلام- إلا أن القبائل العربية قاطبة أجمعت على تقديس الكعبة "كعبة مكة " بل أن بعض القبائل العربية التى كانت تدين بالنصرانية واليهودية كانت تحرص على الحج إلى كعبة مكة ، ومن شده تقديسهم للكعبة كان الرجل يرى قاتل أبية فى البيت الحرام فلا يمسه بسوء .
وعندما جاء الإسلام أحتفظ بتقديس العرب للكعبة واطلق عليها القرآن العديد من ألقاب التشريف
2- الحج والعمرة
كان العرب قبل الإسلام يحجون فى شهر ذى الحجة من كل عام ، وكانوا يقومون بنفس المناسك التى يؤديها المسلمين حتى اليوم ،عدا بعض العبارات الشركية التى كانت ثقال أثناء التلبية "لبيك اللهم مالبيك ...الخ ، وكذلك منع طواف العرايا وماعدا ذلك فقد احتفظ الإسلام بكل مناسك الحج التى كان العرب يؤدونها قبل الإسلام من أرتداء ملابس الإحرام وسوق الهدى والوقوف بعرفة والدفع إلى مزدلفة والتوجة إلى منى لرمى الجمرات ونحر الهدى والطواف حول الكعبة أيضا فى سبع أشواط لم تزد ولم تنقص بعد الإسلام وتقبيل الحجر الأسود والسعى بين الصفا والمروة بل انهم كانوا يسمون اليوم الثامن من ذى الحجة يوم التروية ، ويقفون بعرفات فى التاسع وتبدأ من العاشر أيام منى ورمى الجمار كانوا-أيضا- يسمونها أيام التشريق كما كانوا يعتمرون فى غير أشهر الحج .
3- تقديس شهر رمضان
ورد فى القرآن الكتاب المقدس للمسلمين "شهر رمضان الذى انزل فيه القرآن هدى للناس "وفيه ليلة القدر خيرا من ألف شهر .. وتقديس هذا الشهر مما ورثة الإسلام من العرب فى الجاهلية فقد كان المتحنفون يفعلون ذلك ومنهم جد النبى محمد عبدالمطلب إذ نقل إلينا الإخباريون أنه إذا جاء شهر رمضان شد مئزره وصعد إلى غار حراء وتحنث فيه وأمر بإطعام المساكين طوال الشهر ومثله كان يفعل عمرو بن زيد بن نفيل عم عمر بن الخطاب فقد كان من الحنفاء أيضا .
4- تحريم القتال فى الأشهر الحرم
كانت العرب قاطبة تعتبر ذى القعدة وذى الحجة ومحرم ورجب أشهرا حرما لانها الأشهر التى يقع فيها موسم الحج إلى أكبر الكعبات وأقدسها "كعبة مكة " أما شهر رجب ففيه العمرة وقيل ان سبب التسمية ان العرب كانت لاتستحل فيه القتال عدا خثعم وطئ فقد كانتا تستحلان القتال فى الشهوركلها، ولما جاء الإسلام أحتفظ بنفس شعيرة تحريم القتال فى هذه الأشهر الحرم الأربعة .
5- تعظيم إبراهيم وإسماعيل
كانت العرب قبل الإسلام تعظم النبى إبراهيم وابنة إسماعيل ويعتقدون انهما من وضعا قواعد البيت الحرام "الكعبة " وفرضا الحج إليها ولما جاء الإسلام تبنى ذات الأعتقاد
6- يوم الإجتماع العام "الجمعة "
كان أول من سمى يوم الجمعة هو كعب بن لؤى وكان قبلها يسمى يوم العروبة وقيل أن أول من جمع المسلمين يوم الجمعة بالمدينة هو سعد زرارة وقيل مصعب بن عمير ولما هاجر محمد إلى يثرب أدركته الجمعة فى بنى سالم بن عوف فخطب فى الناس أول خطبة جمعة وصلى بهم .
هذه بعض الشعائر التعبدية التى استعارها الإسلام من القبائل العربية ،لكن الإسلام لم يقتبس أو يستعر من القبائل العربية فقط شعائرهم التعبدية بل أقتبس أيضا من الحنيفية شعائرها الدينية وفيما يلى نكشف بعض هذه الشعائر المقتبسة من الحنيفية .
الحنفاء كانوا مجموعة من عقلاء العرب رفضوا عبادة الأوثان ولم يجنحوا إلى اليهودية أو النصرانية أنما قالوا بوحدانية الله وكانوا يرون أن الدين عند الله هو الحنيفية ملة إيراهيم ولم تكن الحركة الحنيفية محصورة فى الحجاز بل انتشرت فى أجزاء متفرقة من الجزيرة العربية ومن أبرز الحنفاء أمية بن ابى الصلت الشاعر المعروف من سادات ثقيف وعمرو بن زيد بن نفيل عم عمر بن الخطاب وعبدالله بن حجش ابن اخت حمزة بن عبدالمطلب عم النبى محمد والشاعر زهير بن ابى سلمى ولؤى بن كعب بن غالب الجد الأعلى للنبى محمد وكذلك عمه عبد المطلب وورقة بن نوفل أبن عم خديجة زوجة محمد الأولى .
ورغم ضيق حيز الدعوة الحنيفية وأقتصارها على عدد من الشعراء الكبار الذين كانوا يمثلون قمه الوعى والثقافة فى ذلك الزمن إلا ان تأثيرها ظهرا جليا فى الإسلام نذكر من أهم تأثيراتها النفور من عبادة الوثان وعدم المشاركة فى أعيادها ومناسباتها، وتحريم الاضاحى التى تذبح للأصنام وعدم أكل لحومها ، تحريم الربا وتحريم الخمر وحد شاربها ،تحريم الزنا وحد مرتكبية، والأعتكاف فى غار حراء فى شهر رمضان للتحنث ، والإكثار من فعل أعمال البر وإطعام المساكين ، قطع يد السارق وأمر به الجد المباشر للنبى محمد وهو أستاذ الحنيفية برأى سيد القمنى ، تحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير ، تحريم واد البنات وتحمل نفقات تربيتهن .
وكما جاء فى طبقات بن سعد ج 3 ص 381
ان سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أبن عم عمر بن الخطاب كان يحيى الموؤدة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : مهلا انا أكفيك مؤونتها فلا تقتلها وكان يأخذها فإذا ترعرعت قال لابيها ان شئت دفعتها إليك وان شئت كفيتك مؤونتها وكان سعيد أحد أبرز المتحنفين وكان يفعل ذلك بتأثير أبيه زيد بن عمر بن نفيل وسيرا على نهجة .
ومن شعائر المتحنفون كما قلنا من قبل
الصوم ، والاختتان ،والغسل من الجنابة ، الإيمان بالبعث والنشور والحساب ،
وكان كل ذلك يوصل إلى الشعيرة الرئيسية التى يؤمن بها الحنفاء وهى وحدانية الله وقد وافقهم الإسلام على تلك الشعائر حسب تعبير الإمام الحافظ أبى الفرج الجوزى وبشر ودعا إليها .
الشعائر الاجتماعية
تعدد الزوجات
كانت العرب قبل الإسلام تبيح التعدد بغير حد أقصى ولما جاء الإسلام حدد الزواج بأربع زوجات ولكنه لم يقف فى وجه ما أعتاده العرب ففتح لهم التعدد من جانب أخر هو ان يطلق الرجل زوجة من الأربعة ويتزوج أخرى وأيضا اباحه بدون حد أقصى فى ملك اليمين والسرارى والجوارى ولذلك فى كتب التراث نجد ان الصحابة تزوجوا أكثر من واحدة فمثلا أبوبكر الصديق تزوج أربع وعمر بن الخطاب تزوج تسعا ومثله عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب ، وحتى الصحابيات فيهن من تزوجت أكثر من رجل طبعا ليسوا معا وانما الواحد تلو الاخر مثل عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل تزوجت خمس رجال ،أم كلثوم بنت عقبة بن معيط تزوجت أربع رجال ، عائشة بنت طلحة بن محمد تزوجت ثلاثة رجال ،وغيرهن كثيرات ممن تزوجن أكثر من رجل لكن المقام لا يحتمل ذكرهن .
الشعائر الحربية
خمس الغنائم
كان لرئيس القبيلة اوقائدها فى الغزوة ان يحصل على ربع الغنيمة وفى حديث عدى بن حاتم " ربعت فى الجاهلية وخمست فى الإسلام "وبالتالى كان حصول القائد على ربع الغنائم من عادات العرب فى الجاهليه وجاء الإسلام وابقى عليها ولكن خفضها إلى الخمس وتم تحديد مصارف لباقى الغنيمة لليتامى والمساكين وابناء السبيل .
السلب
والسلب هو ان يحصل المجاهد على متعلقات من قتله فى المعركة مثل سيفة ودرعة وملابسة ودابته وهذا العرف القبلى انتقل بقضه وقضيضة إلى الإسلام .
الصفى
الصفى هو ما كان يأخذه قائد الغزوة او رئيس القبيلة من الغنائم قبل تقسيمها مثل سيف أو فرس أو أمة وهذا التقليد كان سائدا بين العرب فى الجاهلية انتقل بالكامل الى الإسلام وكما قالت كتب التراث ان صفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنيين كانت من الصفى حيث اصطفاها النبى محمد لنفسة من غنائم غزوة بنى قريظة.
والخمس والصفى أصبحا من أهم موارد الدولة الإسلامية بعد وفاة النبى محمد وخاصة الأول .
المقال عبارة عن تلخيص لكتاب الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية للشيخ الأزهرى خليل عبد الكريم المحامى وبالتالى المصادر التى اعتمد عليها موجودة فى هوامش الكتاب
ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته ؟ّ!
السؤال الذى يسأله انصار تطبيق الشريعة الإسلامية بكل برأءة وسذاجة لكل من يطالب بالاخذ بالحداثة والتنظيمات الاجتماعية الجديدة وترك القديم الذى لم يعد يناسب عصرنا ،هذا السؤال الساذج تحول إلى أداه للسخرية من هؤلاء المتديين المؤمنين بإن الشريعة الإسلامية هى من عند الله وبالتالى هى شريعة الله التى يجب أن تطبق على المسلمين جميعا ومن يرفضها كافر زنديق أو علمانى ملحد لا يعترف بوجود إله ينظم شئون هذا الكون وفى القلب منه هذا الكوكب الازرق الجميل ..لكن لو تعمق هؤلاء المؤمنيين السذج فى حال شريعتهم التى يقاتلون فى سبيل وضعها موضع التنفيذ ويقطعون الرؤوس فى سبيلها وهم سعداء ظنا منهم انهم ينفذون أوامرربهم وتعليماته التى وردت فى القرآن والسنة ..لو أعملوا عقولهم وشغلوا أدمغتهم لوجدوا ان هذه الشريعة ما هى إلا عادات وتقاليد العرب قبل الإسلام أضفى عليه محمد هاله من القداسة فأصبحت أحاكم ربانية لايجوز الألتفات عنها أو تجاهلها ..طبعا لو ان مسلما وسطيا من أياهم قرأ هذه المقدمة سيمط شفتيه غاضبا وسيتجاهل هذا الكلام وقد يمتنع عن إكمال الموضوع إلى نهايته بأعتباره حرام أو فيه هجوم وانتقاد وطعن فى الشريعة الإسلامية ..ولكن نقول له مهلا يا أخا الإسلام ليس هناك جهل نافع ولا معرفة ضارة ..
فقد يندهش كثير من المؤمنين بالدين الإسلامى لو عرفوا ان دينهم أخذ الكثير من الشعائر الدينية والتعبدية من العرب"الكفار" قبل الإسلام ونسبها إلى الإسلام أولها شعيرة الحج والعمرة وتعظيم الكعبة بأعتبارها بيت الله الحرام وشهر رمضان وحرمة القتال فى الأشهر الحرام..ليس ذلك فحسب بل أخذ ثلاثه حدود نقلها من عرب الجاهليه وجعلها فى الشريعة الإسلامية هذه الحدود هى حد السرقة وحد الزنا وحد شراب الخمر ،ليس ذلك فقط بل أخذ شطرا كبيرا من المسئولية الجزائية مثل القصاص والدية والقسامة والعاقلة ...الخ
وفى أحيانا كان يأخذ النظام بأكمله دون تحوير سوى تغير الإسم واحيانا يأخذ النظام مع بعض التغيرات الطفيفة سواء بالزيادة أو النقصان .
العرب هم مادة الإسلام كما قال العميد الدكتور طة حسين ، فهم مصدر قوته العسكرية فى الغزوات التى أدت غلى نشر الإسلام من أسبانيا غربا وحتى الصين شرقا ، والعرب أيضا هم مصدر معظم الأحكام والتقاليد والأعراف التى جاء بها الإسلام أو شرعها ، ويمكننا بكل ثقة أن نؤكد أن الإسلام ورث الشئ الكثير بل والبالغ الوفرة فى كافة المناحى الاقتصادية والأجتماعية والدينية التعبدية وفيما يلى سنورد لكم البعض من هذه الأمور بقدر ما تحتملها المساحة المحددة للمقال .
الشعائرالتعبدية
1- تقديس الكعبة
كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ورغم انه كان يوجد ما يزيد عن احدى وعشرين كعبه فى جزيرة العرب- قبل الإسلام- إلا أن القبائل العربية قاطبة أجمعت على تقديس الكعبة "كعبة مكة " بل أن بعض القبائل العربية التى كانت تدين بالنصرانية واليهودية كانت تحرص على الحج إلى كعبة مكة ، ومن شده تقديسهم للكعبة كان الرجل يرى قاتل أبية فى البيت الحرام فلا يمسه بسوء .
وعندما جاء الإسلام أحتفظ بتقديس العرب للكعبة واطلق عليها القرآن العديد من ألقاب التشريف
2- الحج والعمرة
كان العرب قبل الإسلام يحجون فى شهر ذى الحجة من كل عام ، وكانوا يقومون بنفس المناسك التى يؤديها المسلمين حتى اليوم ،عدا بعض العبارات الشركية التى كانت ثقال أثناء التلبية "لبيك اللهم مالبيك ...الخ ، وكذلك منع طواف العرايا وماعدا ذلك فقد احتفظ الإسلام بكل مناسك الحج التى كان العرب يؤدونها قبل الإسلام من أرتداء ملابس الإحرام وسوق الهدى والوقوف بعرفة والدفع إلى مزدلفة والتوجة إلى منى لرمى الجمرات ونحر الهدى والطواف حول الكعبة أيضا فى سبع أشواط لم تزد ولم تنقص بعد الإسلام وتقبيل الحجر الأسود والسعى بين الصفا والمروة بل انهم كانوا يسمون اليوم الثامن من ذى الحجة يوم التروية ، ويقفون بعرفات فى التاسع وتبدأ من العاشر أيام منى ورمى الجمار كانوا-أيضا- يسمونها أيام التشريق كما كانوا يعتمرون فى غير أشهر الحج .
3- تقديس شهر رمضان
ورد فى القرآن الكتاب المقدس للمسلمين "شهر رمضان الذى انزل فيه القرآن هدى للناس "وفيه ليلة القدر خيرا من ألف شهر .. وتقديس هذا الشهر مما ورثة الإسلام من العرب فى الجاهلية فقد كان المتحنفون يفعلون ذلك ومنهم جد النبى محمد عبدالمطلب إذ نقل إلينا الإخباريون أنه إذا جاء شهر رمضان شد مئزره وصعد إلى غار حراء وتحنث فيه وأمر بإطعام المساكين طوال الشهر ومثله كان يفعل عمرو بن زيد بن نفيل عم عمر بن الخطاب فقد كان من الحنفاء أيضا .
4- تحريم القتال فى الأشهر الحرم
كانت العرب قاطبة تعتبر ذى القعدة وذى الحجة ومحرم ورجب أشهرا حرما لانها الأشهر التى يقع فيها موسم الحج إلى أكبر الكعبات وأقدسها "كعبة مكة " أما شهر رجب ففيه العمرة وقيل ان سبب التسمية ان العرب كانت لاتستحل فيه القتال عدا خثعم وطئ فقد كانتا تستحلان القتال فى الشهوركلها، ولما جاء الإسلام أحتفظ بنفس شعيرة تحريم القتال فى هذه الأشهر الحرم الأربعة .
5- تعظيم إبراهيم وإسماعيل
كانت العرب قبل الإسلام تعظم النبى إبراهيم وابنة إسماعيل ويعتقدون انهما من وضعا قواعد البيت الحرام "الكعبة " وفرضا الحج إليها ولما جاء الإسلام تبنى ذات الأعتقاد
6- يوم الإجتماع العام "الجمعة "
كان أول من سمى يوم الجمعة هو كعب بن لؤى وكان قبلها يسمى يوم العروبة وقيل أن أول من جمع المسلمين يوم الجمعة بالمدينة هو سعد زرارة وقيل مصعب بن عمير ولما هاجر محمد إلى يثرب أدركته الجمعة فى بنى سالم بن عوف فخطب فى الناس أول خطبة جمعة وصلى بهم .
هذه بعض الشعائر التعبدية التى استعارها الإسلام من القبائل العربية ،لكن الإسلام لم يقتبس أو يستعر من القبائل العربية فقط شعائرهم التعبدية بل أقتبس أيضا من الحنيفية شعائرها الدينية وفيما يلى نكشف بعض هذه الشعائر المقتبسة من الحنيفية .
الحنفاء كانوا مجموعة من عقلاء العرب رفضوا عبادة الأوثان ولم يجنحوا إلى اليهودية أو النصرانية أنما قالوا بوحدانية الله وكانوا يرون أن الدين عند الله هو الحنيفية ملة إيراهيم ولم تكن الحركة الحنيفية محصورة فى الحجاز بل انتشرت فى أجزاء متفرقة من الجزيرة العربية ومن أبرز الحنفاء أمية بن ابى الصلت الشاعر المعروف من سادات ثقيف وعمرو بن زيد بن نفيل عم عمر بن الخطاب وعبدالله بن حجش ابن اخت حمزة بن عبدالمطلب عم النبى محمد والشاعر زهير بن ابى سلمى ولؤى بن كعب بن غالب الجد الأعلى للنبى محمد وكذلك عمه عبد المطلب وورقة بن نوفل أبن عم خديجة زوجة محمد الأولى .
ورغم ضيق حيز الدعوة الحنيفية وأقتصارها على عدد من الشعراء الكبار الذين كانوا يمثلون قمه الوعى والثقافة فى ذلك الزمن إلا ان تأثيرها ظهرا جليا فى الإسلام نذكر من أهم تأثيراتها النفور من عبادة الوثان وعدم المشاركة فى أعيادها ومناسباتها، وتحريم الاضاحى التى تذبح للأصنام وعدم أكل لحومها ، تحريم الربا وتحريم الخمر وحد شاربها ،تحريم الزنا وحد مرتكبية، والأعتكاف فى غار حراء فى شهر رمضان للتحنث ، والإكثار من فعل أعمال البر وإطعام المساكين ، قطع يد السارق وأمر به الجد المباشر للنبى محمد وهو أستاذ الحنيفية برأى سيد القمنى ، تحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير ، تحريم واد البنات وتحمل نفقات تربيتهن .
وكما جاء فى طبقات بن سعد ج 3 ص 381
ان سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أبن عم عمر بن الخطاب كان يحيى الموؤدة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : مهلا انا أكفيك مؤونتها فلا تقتلها وكان يأخذها فإذا ترعرعت قال لابيها ان شئت دفعتها إليك وان شئت كفيتك مؤونتها وكان سعيد أحد أبرز المتحنفين وكان يفعل ذلك بتأثير أبيه زيد بن عمر بن نفيل وسيرا على نهجة .
ومن شعائر المتحنفون كما قلنا من قبل
الصوم ، والاختتان ،والغسل من الجنابة ، الإيمان بالبعث والنشور والحساب ،
وكان كل ذلك يوصل إلى الشعيرة الرئيسية التى يؤمن بها الحنفاء وهى وحدانية الله وقد وافقهم الإسلام على تلك الشعائر حسب تعبير الإمام الحافظ أبى الفرج الجوزى وبشر ودعا إليها .
الشعائر الاجتماعية
تعدد الزوجات
كانت العرب قبل الإسلام تبيح التعدد بغير حد أقصى ولما جاء الإسلام حدد الزواج بأربع زوجات ولكنه لم يقف فى وجه ما أعتاده العرب ففتح لهم التعدد من جانب أخر هو ان يطلق الرجل زوجة من الأربعة ويتزوج أخرى وأيضا اباحه بدون حد أقصى فى ملك اليمين والسرارى والجوارى ولذلك فى كتب التراث نجد ان الصحابة تزوجوا أكثر من واحدة فمثلا أبوبكر الصديق تزوج أربع وعمر بن الخطاب تزوج تسعا ومثله عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب ، وحتى الصحابيات فيهن من تزوجت أكثر من رجل طبعا ليسوا معا وانما الواحد تلو الاخر مثل عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل تزوجت خمس رجال ،أم كلثوم بنت عقبة بن معيط تزوجت أربع رجال ، عائشة بنت طلحة بن محمد تزوجت ثلاثة رجال ،وغيرهن كثيرات ممن تزوجن أكثر من رجل لكن المقام لا يحتمل ذكرهن .
الشعائر الحربية
خمس الغنائم
كان لرئيس القبيلة اوقائدها فى الغزوة ان يحصل على ربع الغنيمة وفى حديث عدى بن حاتم " ربعت فى الجاهلية وخمست فى الإسلام "وبالتالى كان حصول القائد على ربع الغنائم من عادات العرب فى الجاهليه وجاء الإسلام وابقى عليها ولكن خفضها إلى الخمس وتم تحديد مصارف لباقى الغنيمة لليتامى والمساكين وابناء السبيل .
السلب
والسلب هو ان يحصل المجاهد على متعلقات من قتله فى المعركة مثل سيفة ودرعة وملابسة ودابته وهذا العرف القبلى انتقل بقضه وقضيضة إلى الإسلام .
الصفى
الصفى هو ما كان يأخذه قائد الغزوة او رئيس القبيلة من الغنائم قبل تقسيمها مثل سيف أو فرس أو أمة وهذا التقليد كان سائدا بين العرب فى الجاهلية انتقل بالكامل الى الإسلام وكما قالت كتب التراث ان صفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنيين كانت من الصفى حيث اصطفاها النبى محمد لنفسة من غنائم غزوة بنى قريظة.
والخمس والصفى أصبحا من أهم موارد الدولة الإسلامية بعد وفاة النبى محمد وخاصة الأول .
المقال عبارة عن تلخيص لكتاب الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية للشيخ الأزهرى خليل عبد الكريم المحامى وبالتالى المصادر التى اعتمد عليها موجودة فى هوامش الكتاب
التسميات :
مقالات
قراءة فى كتاب الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية
Reviewed by Gharam elsawy
on
2:18 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: