العالم الاسلامى يودع الداعية احمد الدوغان شيخ المذهب الشافعي
ودع العالم الاسلامى قبل أيام، أبرز علماء الرعيل الأول للحركة العلمية في السعودية وأحد مؤسسي أهم المدارس الدينية في المنطقة والتي امتدت جسورها إلى دول الخليج العربي واليمن وبلاد الشام وصولاً إلى قلب جمهورية الهند طيلة 80 عاماً مضت.
الشيخ أحمد بن عبدالله الدوغان الذي يرمز له بـ"شيخ المذهب الشافعي" في محافظة الأحساء (شرق السعودية)، توفي مساء السبت الماضي بعد معاناة طويلة مع العجز والمرض عن عمر يناهز الـ102 عام، أفناها في الدعوة وخدمة أبناء المحافظة وتعليمهم وإقامة الدروس والمحاضرات طيلة فترة حياته.
أُودع جثمان الشيخ الدوغان الثرى ظهر الأحد الماضي في جنازة مهيبة شهدتها جموع غفيرة من أهالي الأحساء والمتوافدين من خارجها في أجواء محزنة تعكس مدى ثقل وتأثير هذه الشخصية على المستوى الإنساني والعلمي الديني في المنطقة، الذي اشتهر بالورع والتواضع حتى إنه أجبر أحد تلاميذه على حرق قصيدة مديح كان قد كتبها في حقه كتعبير صريح لرفض أي من صور المديح.
وقد عرف عن الشيخ الزاهد، نبذ التعصب والتشدد بكافة أشكالهما خصوصا فيما يرتبط بالدين والعبادة، وكان مضرب المثل في التسامح والانفتاح على الأديان والمذاهب والتحاور البناء. رحل الدوغان تاركاً خلفه تركة علمية ثقيلة وتاريخا كفاحيا بدأه حينما انتقل إلى الهند بحثاً عن لقمة العيش مثله مثل الآلاف من أهالي المنطقة الشرقية آنذاك، فدرس صبيان الهنود بأجر شهري لم يتجاوز "روبيتين" هندية.
التاريخ الحديث سجل للعلاَّمة الدوغان تأسيس مدرسة علمية دينية تمكنت من مدّ جسور التواصل المعرفي مع طلبة العلم الوافدين للأحساء كذلك حلقات العلم التي امتدت إلى كافة دول الخليج العربي واليمن وبلاد الشام والهند وغيرها، مكنته من ترسيخ منهجية مميزة قائمة حتى هذا اليوم في تلاميذه لتشكل بذلك إحدى ركائز الاستقرار الوطني الاجتماعي.
وقال الباحث الإسلامي مهنا الحبيل " إن الراحل يعدّ آخر شخصيات الجيل الذهبي لحركة الأحساء العلمية التي غادر كثير منهم الحياة قبل القرن الخامس عشر هجري، إلى جانب كونه جامعاً للزهد والورع والتواضع أمام كل من يحضر مجلسه وحلقاته العلمية.
ولفت الحبيل إلى المشروع التاريخي للشيخ الدوغان الذي أنقذ مسيرة الأحساء وعمل على ترسيخ مسارات التشريع الإسلامي القائم على مسارات رعاية العلم ومنهجية الفقه في مذاهبه الأربعة وما يرتبط معه في الآداب والسلوك وأخلاق طلبة العلم وتوسيع العارضة الفقهية في فهم التعدد في استنباط الأحكام، وهو مشروع شاركه فيه الشيخ محمد بن ابراهيم المبارك المتوفى 1405هـ عبر منهجه وعلاقاته ومن خلال مدرسته المالكية.
وأضاف أن الدوغان نجح في ترسيخ مدارس المذاهب الفقهية العريقة المتعددة بالأحساء وحمايتها من الضعف خاصة مع ازدياد الجرأة على تكفير المخالفين وتضليلهم، لذلك وصل مدرسته بمدرسة الأولين وعزز التواصل والتعاون مع المدارس الشرعية الأخرى.
وقال إن الراحل تعرض هو وبعض تلاميذه للهجوم والتعنيف جرّاء انفتاحه على المذاهب إلا أنه فضّل التفرغ للعلم وترك الجدل، معتبراً مدرسة الشيخ الدوغان القائمة حالياً جسراً حيوياً كان بالإمكان أن تتحول الى حلقات صراع لو استجابت لبعض الاستفزازات من شخصيات رسمية أو كتل دينية، إلا أن منهجه وإلزامه تلاميذه بالحفاظ على الحد الأدنى من الوحدة وطبيعة تأثر تلاميذه خلقت لديهم تعاطيا مع شخصيات أدبية وسياسية واجتماعية وإعلامية متعددة جعلتها تثق في المدرسة الشافعية وتعرض فيها رؤاها الفكرية.
حفظ شيخ الأحساء الدوغان القرآن الكريم كاملاً في سن الـ18 من عمره، كما حفظ ''متن الزبد'' وحفظ من ألفية ابن مالك 300 بيت، ودرّس المذهب الشافعي في المدرسة الابتدائية بالأحساء ما يزيد عن ربع قرن، كما درس الفقه الشافعي لعدد كبير من طلاب العلم في الأحساء وخارجها. وعرف عنه تصديه لنشر العلم الشرعي والفقه الشافعي في الأحساء، حتى اعتبره الكثيرون من أبرز المجددين في المدرسة الشافعية.
وخلال رحلته إلى الهند في شبابه، تتلمذ على يد أسعد الله الهندي وحفظ القرآن وعلومه والتجويد والقراءات، وكانت له العديد من الرحلات الدعوية العلمية إلى الحجاز واليمن وسوريا وغيرها من دول العالم الإسلامي.
من الكتب التي درسها الدوغان، عمدة السالك وعدة الناسك، وشرح منظومة الزبد، والإيضاح في مناسك الحج للإمام النووي، وفتح المعين، وفتح الوهاب، وكفاية الأخيار، والإقناع، ومغني المحتاج شرح المنهاج، فتح الجواد شرح الإرشاد، وكان للدوغان إلى عهد قريب حلقات علمية يدرس فيها القرآن الكريم والفرائض والنحو قبل أن يفقد قِواه.
وتناولت أفكاره تصحيح ونقد بعض الرؤى سواء في العلاقة بين مناهج الفقه والتفكير الديني، أو في العلاقة بين تيارات المجتمع وطريقة التعامل الراشد معها والركون إلى سعة القبول والحوار عوضاً عن المصارعة الشرسة، مع إبقاء مساحة معروفة تفصل التيار العلمي الشرعي عن بعض الأطروحات الفكرية.
ولد شيخ المذهب الشافعي في حي "الكوت" في محافظة الأحساء عام 1332 من الهجرة، الحي الذي عرف عنه احتضانه جمهرة واسعة من علماء الدين، ودفن في نفس الحي، حيث شهدت الأحساء نشأته وتلقى العلم مبكراً على يد علمائها، من بينهم الشيخ محمد بن حسين العرفج، وأحمد بن محمد العلي العرفج.
الشيخ أحمد بن عبدالله الدوغان الذي يرمز له بـ"شيخ المذهب الشافعي" في محافظة الأحساء (شرق السعودية)، توفي مساء السبت الماضي بعد معاناة طويلة مع العجز والمرض عن عمر يناهز الـ102 عام، أفناها في الدعوة وخدمة أبناء المحافظة وتعليمهم وإقامة الدروس والمحاضرات طيلة فترة حياته.
أُودع جثمان الشيخ الدوغان الثرى ظهر الأحد الماضي في جنازة مهيبة شهدتها جموع غفيرة من أهالي الأحساء والمتوافدين من خارجها في أجواء محزنة تعكس مدى ثقل وتأثير هذه الشخصية على المستوى الإنساني والعلمي الديني في المنطقة، الذي اشتهر بالورع والتواضع حتى إنه أجبر أحد تلاميذه على حرق قصيدة مديح كان قد كتبها في حقه كتعبير صريح لرفض أي من صور المديح.
وقد عرف عن الشيخ الزاهد، نبذ التعصب والتشدد بكافة أشكالهما خصوصا فيما يرتبط بالدين والعبادة، وكان مضرب المثل في التسامح والانفتاح على الأديان والمذاهب والتحاور البناء. رحل الدوغان تاركاً خلفه تركة علمية ثقيلة وتاريخا كفاحيا بدأه حينما انتقل إلى الهند بحثاً عن لقمة العيش مثله مثل الآلاف من أهالي المنطقة الشرقية آنذاك، فدرس صبيان الهنود بأجر شهري لم يتجاوز "روبيتين" هندية.
التاريخ الحديث سجل للعلاَّمة الدوغان تأسيس مدرسة علمية دينية تمكنت من مدّ جسور التواصل المعرفي مع طلبة العلم الوافدين للأحساء كذلك حلقات العلم التي امتدت إلى كافة دول الخليج العربي واليمن وبلاد الشام والهند وغيرها، مكنته من ترسيخ منهجية مميزة قائمة حتى هذا اليوم في تلاميذه لتشكل بذلك إحدى ركائز الاستقرار الوطني الاجتماعي.
وقال الباحث الإسلامي مهنا الحبيل " إن الراحل يعدّ آخر شخصيات الجيل الذهبي لحركة الأحساء العلمية التي غادر كثير منهم الحياة قبل القرن الخامس عشر هجري، إلى جانب كونه جامعاً للزهد والورع والتواضع أمام كل من يحضر مجلسه وحلقاته العلمية.
ولفت الحبيل إلى المشروع التاريخي للشيخ الدوغان الذي أنقذ مسيرة الأحساء وعمل على ترسيخ مسارات التشريع الإسلامي القائم على مسارات رعاية العلم ومنهجية الفقه في مذاهبه الأربعة وما يرتبط معه في الآداب والسلوك وأخلاق طلبة العلم وتوسيع العارضة الفقهية في فهم التعدد في استنباط الأحكام، وهو مشروع شاركه فيه الشيخ محمد بن ابراهيم المبارك المتوفى 1405هـ عبر منهجه وعلاقاته ومن خلال مدرسته المالكية.
وأضاف أن الدوغان نجح في ترسيخ مدارس المذاهب الفقهية العريقة المتعددة بالأحساء وحمايتها من الضعف خاصة مع ازدياد الجرأة على تكفير المخالفين وتضليلهم، لذلك وصل مدرسته بمدرسة الأولين وعزز التواصل والتعاون مع المدارس الشرعية الأخرى.
وقال إن الراحل تعرض هو وبعض تلاميذه للهجوم والتعنيف جرّاء انفتاحه على المذاهب إلا أنه فضّل التفرغ للعلم وترك الجدل، معتبراً مدرسة الشيخ الدوغان القائمة حالياً جسراً حيوياً كان بالإمكان أن تتحول الى حلقات صراع لو استجابت لبعض الاستفزازات من شخصيات رسمية أو كتل دينية، إلا أن منهجه وإلزامه تلاميذه بالحفاظ على الحد الأدنى من الوحدة وطبيعة تأثر تلاميذه خلقت لديهم تعاطيا مع شخصيات أدبية وسياسية واجتماعية وإعلامية متعددة جعلتها تثق في المدرسة الشافعية وتعرض فيها رؤاها الفكرية.
حفظ شيخ الأحساء الدوغان القرآن الكريم كاملاً في سن الـ18 من عمره، كما حفظ ''متن الزبد'' وحفظ من ألفية ابن مالك 300 بيت، ودرّس المذهب الشافعي في المدرسة الابتدائية بالأحساء ما يزيد عن ربع قرن، كما درس الفقه الشافعي لعدد كبير من طلاب العلم في الأحساء وخارجها. وعرف عنه تصديه لنشر العلم الشرعي والفقه الشافعي في الأحساء، حتى اعتبره الكثيرون من أبرز المجددين في المدرسة الشافعية.
وخلال رحلته إلى الهند في شبابه، تتلمذ على يد أسعد الله الهندي وحفظ القرآن وعلومه والتجويد والقراءات، وكانت له العديد من الرحلات الدعوية العلمية إلى الحجاز واليمن وسوريا وغيرها من دول العالم الإسلامي.
من الكتب التي درسها الدوغان، عمدة السالك وعدة الناسك، وشرح منظومة الزبد، والإيضاح في مناسك الحج للإمام النووي، وفتح المعين، وفتح الوهاب، وكفاية الأخيار، والإقناع، ومغني المحتاج شرح المنهاج، فتح الجواد شرح الإرشاد، وكان للدوغان إلى عهد قريب حلقات علمية يدرس فيها القرآن الكريم والفرائض والنحو قبل أن يفقد قِواه.
وتناولت أفكاره تصحيح ونقد بعض الرؤى سواء في العلاقة بين مناهج الفقه والتفكير الديني، أو في العلاقة بين تيارات المجتمع وطريقة التعامل الراشد معها والركون إلى سعة القبول والحوار عوضاً عن المصارعة الشرسة، مع إبقاء مساحة معروفة تفصل التيار العلمي الشرعي عن بعض الأطروحات الفكرية.
ولد شيخ المذهب الشافعي في حي "الكوت" في محافظة الأحساء عام 1332 من الهجرة، الحي الذي عرف عنه احتضانه جمهرة واسعة من علماء الدين، ودفن في نفس الحي، حيث شهدت الأحساء نشأته وتلقى العلم مبكراً على يد علمائها، من بينهم الشيخ محمد بن حسين العرفج، وأحمد بن محمد العلي العرفج.
العالم الاسلامى يودع الداعية احمد الدوغان شيخ المذهب الشافعي
Reviewed by Gharam elsawy
on
12:57 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: