أهل الكتاب جزء من المجتمع الإسلامى يجب حمايتهم
بقلم:
د. عبدالغفار هلال
أستاذ لغة عربية بجامعة الأزهر
إن الشريعة الإسلامية تجعل أهل الكتاب الذين يعيشون فى وطن المسلمين أهل ذمة يمثلون جزءاً من المجتمع الإسلامى دون تفرقة بين صاحب عقيدة وآخر.
إن لهم الأمن والأمان فى ظلال الدولة الإسلامية وقد روى الطبرى العهد الذى أعطاه عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ لرسل سفر ينوس أسقف بيت المقدس وفيه يقول: “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم ولكنائسهم وصلبانهم وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقض منها ولا من غيرها ولا من شىء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى ما فى هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين”.
وهذه شهادة شهد بها بطريك “بابه” “إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية بل يمتدحون ملتنا ويوقرون قديسينا وقسيسينا ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا”.
إن الحفاظ على حرية أهل الذمة وتأمينهم من الاعتداء عليهم مما يحض عليه الإسلام، روى العرياض بن سارية قال: نزلنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قلعة خيبر فأقبل صاحب خيبر فقال للنبي: يا محمد.. لكم أن تذبحوا أحمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا؟ فغضب رسول الله لما حدث وقال يا ابن عوف اركب فرسك ثم نادى إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وإن اجتمعوا للصلاة. فاجتمعوا ثم صلى بهم ثم قام فقال: أيحسب أحدكم متكئاً على أريكته قد يظن أن الله تعالى لم يحرم شيئاً إلا ما فى القرآن، ألا وإنى قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء إنها كمثل القرآن وأن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولاأكل ثمارهم إذا أعطوا الذى عليهم”.
فهل يعد هذا أمناً وسلامة على أنفس أهل الذمة وأعراضهم وأموالهم، هكذا يرى الإسلام مبدأ الحفاظ على الأنفس والحريات ويمنع انتهاكها أو العدوان عليها، ولا غرابة فى ذلك، فقد كانت أسس معاملة المصريين التى وضعها عمرو بن العاص لأهل مصر دليلاً على احترام المقدسات والديانات، وعدم السماح بالمساس بكرامة الإنسان المصرى وعرضه وأمواله، روى الطبري: عهد عمرو بن العاص الذى يقول فيه: “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وبرهم وبحرهم، لا يبخل عليهم شىء من ذلك ولا ينتقص”.
إن المشاركة الاجتماعية بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى تجد فى الإسلام وأهله ملاذاً لها، فالإسلام لا يمنع أن تقوم علاقات العمل والتعاون فى المجالات المتعددة بين المسلمين وأهل الكتاب، وليس فى القرآن الكريم نصوصاً تحض على تحريم قيام التواصل فى العمل بين المسلمين والآخرين من أرباب الديانات الأخرى، والتاريخ شاهد على سماحة الإسلام فى استخدام أهل الذمة فى مجال العمل فى الدولة الإسلامية.
ولا يوجد ما يمنع من أن يعمل المسلم لدى أحد من أهل الكتاب، روى الطبرى عن كعب بن عجرة أنه اشتغل عند يهودى فسقى له إبله وأخبر النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك فما أنكر عليه شيئاً، وإذا كان بعض معتنقى الديانات الأخرى يتصدون لمنع المسلمين من العمل لديهم فإن الإسلام أرحب صدراً فى توظيف غير المسلم.
وتثبت وقائع التاريخ الإسلامى استخدام المسلمين لأهل الذمة فى الوظائف فى رحاب الإسلام، ونظامه الاجتماعى مع احتفاظهم بدياناتهم ودون طلب تخليهم عنها، ولم تكن عقائدهم حائلاً دون استمرارهم فى عملهم الوظيفى.
وبعد فتح مصر بقى العمال البيزنطيون فى أعمالهم ولم يفصلوا منها، وقد ولى الخليفة أحد النصارى منصب الوزارة، ولم يعرف فى الإسلام تعصباً ضدنصرانى أو يهودى، فى تولى عمل من الأعمال بل إن حكام المسلمين تسامحوا كثيراً فأكثروا من إسناد الأعمال إلى أهل الذمة وهذا يدل دلالة قاطعة على أن الإسلام حريص على توثيق الروابط والصلات بين أهل المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى وضمن حرية العقيدة لأصحابها، ولا تمنعه عقيدته من المشاركة فى أعمال المجتمع الإسلامى، فى الوقت الذى يعرف فيه التاريخ نماذج من اضطهاد أصحاب الديانات الأخرى بعضهم لبعض وجعلهم المذهب الدينى مانعاً من العمل، ونستطيع القول إن الأقليات غير الإسلامية تحظى فى كنف المسلمين بالرعاية والاحترام.
أما الأقليات الإسلامية فى ظل أصحاب الديانات الأخرى فإنها تعانى من الاضطهاد والمعاناة فى سوق العمل، وإن الإسلام يعامل بالرفق من يستخدمهم من أهل الكتاب وهذه وصية عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ حين يوصى بأهل الذمة فيقول: “أوصى الخليفة من بعدى بأهل الذمة خيراً وأن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وألا يكلفهم فوق طاقتهم”.
ومن سماحة الإسلام ألا يترك أهل الكتاب فى حياتهم وحدهم منعزلين عن المجتمع الإسلامى، بل يريد أن يوطد العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب ممن يعيشون فى ديار المسلمين وغيرهم ممن يرتبطون مع المسلمين بالعهود والمواثيق وهم فى ديار أخرى.
ومن مظاهر هذه الارتباطات والصلات أن جعل الإسلام طعام أهل الكتاب حلالاً للمسلمين يصح لهم تناوله، كما يصح لأهل الكتاب أن يأكلوا من طعام المسلمين فيتبادلون المطاعم والمشارب فى صورة اجتماعية تدعوهم إلى التآلف معهم والتزاور والمجالسة ونمو العلاقات الاجتماعية، وعلى ذلك تقوى الأواصر ويشترك المسلمون مع أهل الكتاب فى الأفراح والأحزان وكل ما يمت بكل السبل إلى الراحة والاستقرار والتعامل الاقتصادى والزراعى والصناعى، وكل ذلك ينسحب على المنتجات بشتى صورها، فتقوم علاقات طيبة فى نسيج المجتمع الواحد أو بين المجتمع الإسلامى والمجتمعات الأخرى كما قال تعالي: “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ” المائدة.
ومما يزيد من سماحة الإسلام ما منحه من إباحة زواج المسلم بالمرأة الكتابية ليزيد المجتمع ترابطاً بين أهل الأديان إذ يؤدى ذلك إلى المصاهرة والنسب والإنجاب الذى يكوّن النشء الذى هو عماد بناء المجتمع، وهذا التسامح الإسلامى لا نظير له فى الديانات الأخرى بل فى الدين الواحد، فالمسيحى الكاثوليكى لا يتزوج بالمرأة الأرثوذكسية أو البروتستانتية.
أما بالنسبة للجزية، فالجزية على غير المسلمين ليست ضريبة تؤخذ على الرؤوس من الأشخاص، وليست عقوبة لإجبارهم على الدخول فى الإسلام، ولكنها مبلغ كان يؤخذ فى مقابل الزكاة بالنسبة للمسلم ولذلك كانت لا تؤخذ إلا من الأغنياء فقط، فالجزية حق اجتماعى من باب التكافل والمشاركة الاجتماعية وفى حدود القدرة فلم تؤخذ من غير القادر عليها.
وقد أمر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ برفع الجزية وإسقاطها عن الفقراء حين قيل له إنهم لا يجدونها فقال: “دعوهم ولا تكلفوهم ما لا يطيقون” ولما كان أهل الذمة الآن يقومون بمشاركة المسلمين فى الدفاع عن الوطن فإن الجزية تسقط عنهم ويعاملون معاملة المسلمين فى دفع ما يقابل الدفاع عنهم.
إن لهم الأمن والأمان فى ظلال الدولة الإسلامية وقد روى الطبرى العهد الذى أعطاه عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ لرسل سفر ينوس أسقف بيت المقدس وفيه يقول: “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم ولكنائسهم وصلبانهم وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقض منها ولا من غيرها ولا من شىء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى ما فى هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين”.
وهذه شهادة شهد بها بطريك “بابه” “إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية بل يمتدحون ملتنا ويوقرون قديسينا وقسيسينا ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا”.
إن الحفاظ على حرية أهل الذمة وتأمينهم من الاعتداء عليهم مما يحض عليه الإسلام، روى العرياض بن سارية قال: نزلنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قلعة خيبر فأقبل صاحب خيبر فقال للنبي: يا محمد.. لكم أن تذبحوا أحمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا؟ فغضب رسول الله لما حدث وقال يا ابن عوف اركب فرسك ثم نادى إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وإن اجتمعوا للصلاة. فاجتمعوا ثم صلى بهم ثم قام فقال: أيحسب أحدكم متكئاً على أريكته قد يظن أن الله تعالى لم يحرم شيئاً إلا ما فى القرآن، ألا وإنى قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء إنها كمثل القرآن وأن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولاأكل ثمارهم إذا أعطوا الذى عليهم”.
فهل يعد هذا أمناً وسلامة على أنفس أهل الذمة وأعراضهم وأموالهم، هكذا يرى الإسلام مبدأ الحفاظ على الأنفس والحريات ويمنع انتهاكها أو العدوان عليها، ولا غرابة فى ذلك، فقد كانت أسس معاملة المصريين التى وضعها عمرو بن العاص لأهل مصر دليلاً على احترام المقدسات والديانات، وعدم السماح بالمساس بكرامة الإنسان المصرى وعرضه وأمواله، روى الطبري: عهد عمرو بن العاص الذى يقول فيه: “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وبرهم وبحرهم، لا يبخل عليهم شىء من ذلك ولا ينتقص”.
إن المشاركة الاجتماعية بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى تجد فى الإسلام وأهله ملاذاً لها، فالإسلام لا يمنع أن تقوم علاقات العمل والتعاون فى المجالات المتعددة بين المسلمين وأهل الكتاب، وليس فى القرآن الكريم نصوصاً تحض على تحريم قيام التواصل فى العمل بين المسلمين والآخرين من أرباب الديانات الأخرى، والتاريخ شاهد على سماحة الإسلام فى استخدام أهل الذمة فى مجال العمل فى الدولة الإسلامية.
ولا يوجد ما يمنع من أن يعمل المسلم لدى أحد من أهل الكتاب، روى الطبرى عن كعب بن عجرة أنه اشتغل عند يهودى فسقى له إبله وأخبر النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك فما أنكر عليه شيئاً، وإذا كان بعض معتنقى الديانات الأخرى يتصدون لمنع المسلمين من العمل لديهم فإن الإسلام أرحب صدراً فى توظيف غير المسلم.
وتثبت وقائع التاريخ الإسلامى استخدام المسلمين لأهل الذمة فى الوظائف فى رحاب الإسلام، ونظامه الاجتماعى مع احتفاظهم بدياناتهم ودون طلب تخليهم عنها، ولم تكن عقائدهم حائلاً دون استمرارهم فى عملهم الوظيفى.
وبعد فتح مصر بقى العمال البيزنطيون فى أعمالهم ولم يفصلوا منها، وقد ولى الخليفة أحد النصارى منصب الوزارة، ولم يعرف فى الإسلام تعصباً ضدنصرانى أو يهودى، فى تولى عمل من الأعمال بل إن حكام المسلمين تسامحوا كثيراً فأكثروا من إسناد الأعمال إلى أهل الذمة وهذا يدل دلالة قاطعة على أن الإسلام حريص على توثيق الروابط والصلات بين أهل المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى وضمن حرية العقيدة لأصحابها، ولا تمنعه عقيدته من المشاركة فى أعمال المجتمع الإسلامى، فى الوقت الذى يعرف فيه التاريخ نماذج من اضطهاد أصحاب الديانات الأخرى بعضهم لبعض وجعلهم المذهب الدينى مانعاً من العمل، ونستطيع القول إن الأقليات غير الإسلامية تحظى فى كنف المسلمين بالرعاية والاحترام.
أما الأقليات الإسلامية فى ظل أصحاب الديانات الأخرى فإنها تعانى من الاضطهاد والمعاناة فى سوق العمل، وإن الإسلام يعامل بالرفق من يستخدمهم من أهل الكتاب وهذه وصية عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ حين يوصى بأهل الذمة فيقول: “أوصى الخليفة من بعدى بأهل الذمة خيراً وأن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وألا يكلفهم فوق طاقتهم”.
ومن سماحة الإسلام ألا يترك أهل الكتاب فى حياتهم وحدهم منعزلين عن المجتمع الإسلامى، بل يريد أن يوطد العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب ممن يعيشون فى ديار المسلمين وغيرهم ممن يرتبطون مع المسلمين بالعهود والمواثيق وهم فى ديار أخرى.
ومن مظاهر هذه الارتباطات والصلات أن جعل الإسلام طعام أهل الكتاب حلالاً للمسلمين يصح لهم تناوله، كما يصح لأهل الكتاب أن يأكلوا من طعام المسلمين فيتبادلون المطاعم والمشارب فى صورة اجتماعية تدعوهم إلى التآلف معهم والتزاور والمجالسة ونمو العلاقات الاجتماعية، وعلى ذلك تقوى الأواصر ويشترك المسلمون مع أهل الكتاب فى الأفراح والأحزان وكل ما يمت بكل السبل إلى الراحة والاستقرار والتعامل الاقتصادى والزراعى والصناعى، وكل ذلك ينسحب على المنتجات بشتى صورها، فتقوم علاقات طيبة فى نسيج المجتمع الواحد أو بين المجتمع الإسلامى والمجتمعات الأخرى كما قال تعالي: “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ” المائدة.
ومما يزيد من سماحة الإسلام ما منحه من إباحة زواج المسلم بالمرأة الكتابية ليزيد المجتمع ترابطاً بين أهل الأديان إذ يؤدى ذلك إلى المصاهرة والنسب والإنجاب الذى يكوّن النشء الذى هو عماد بناء المجتمع، وهذا التسامح الإسلامى لا نظير له فى الديانات الأخرى بل فى الدين الواحد، فالمسيحى الكاثوليكى لا يتزوج بالمرأة الأرثوذكسية أو البروتستانتية.
أما بالنسبة للجزية، فالجزية على غير المسلمين ليست ضريبة تؤخذ على الرؤوس من الأشخاص، وليست عقوبة لإجبارهم على الدخول فى الإسلام، ولكنها مبلغ كان يؤخذ فى مقابل الزكاة بالنسبة للمسلم ولذلك كانت لا تؤخذ إلا من الأغنياء فقط، فالجزية حق اجتماعى من باب التكافل والمشاركة الاجتماعية وفى حدود القدرة فلم تؤخذ من غير القادر عليها.
وقد أمر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ برفع الجزية وإسقاطها عن الفقراء حين قيل له إنهم لا يجدونها فقال: “دعوهم ولا تكلفوهم ما لا يطيقون” ولما كان أهل الذمة الآن يقومون بمشاركة المسلمين فى الدفاع عن الوطن فإن الجزية تسقط عنهم ويعاملون معاملة المسلمين فى دفع ما يقابل الدفاع عنهم.
أهل الكتاب جزء من المجتمع الإسلامى يجب حمايتهم
Reviewed by Ahmed Aldosoky
on
12:37 ص
Rating:


ليست هناك تعليقات: