الازهر

[الازهر][twocolumns]

مجالس العلماء

[مجالس العلماء][bsummary]

س و ج

[س وج][grids]

الوحدة الوطنية في الخطاب الديني بالحملة الانتخابية

بقلم /سليمان شفيق
د/سعد الهلالي يصف السيسي بالرسول موسي والدعوة السلفية تعتبره الاصلح شرعا
كاهن الاقصر يصف السيسي بمواصفات المسيح والأنبا ارميا يدير حملة السيسي من المركز الثقافي
الانبا مكاريوس :الكنيسة ليست وصية علي الاقباط الذين لا يختزلون في القيادة الدينية
القمص رويس مرقس: كنائس الاسكندرية لا توجه الناخبين إلا للمشاركة كما اعلن البابا تواضروس 
لم تختلف كثيرا الخطابات الدينية (السياسية) الاسلامية والمسيحية في الحملة الانتخابية، وكأننا لا نواجه الارهاب بل نواجه الإخوان نفس الانحيازات وبطريقة غير مألوفة .. الدكتور علي جمعة المفتي السابق ،يطالب الجميع بمساندة المشير السيسي ويبرر ذلك بأنة الاصلح ووصفة في مؤتمر للحملة الرسمية لدعم السيسي الاسبوع الماضي:"الفارس النبيل، الانسب شرعا، اختياره اولي خطوات بناء مستقبلنا ".
الدكتور سعد الهلالي استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر وصف عبد الفتاح السيسي ومحمد ابراهيم بأنهما رسولان من عند الله مثل موسي وهارون عليهما السلام قائلا:"انة ما كان احدان يتخيل ان سنة الله تتكرر وبأن يأتي احد يقول لا اسلام إلا ما نمليه عليكم، وأضاف:"ويبعث الله رجلين كما ابتعث من قبل رسولين موسي وهارون، خرج السيسي ومحمد ابراهيم، ان هؤلاء رسل من عند الله"!!
المهندس عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية، قال الاحد الماضي بمؤتمر بكفر الشيخ :"اختارت الدعوة السلفية المشير السيسي علي اسس شرعية، ووصف السيسي بأنة الاصلح شرعا"
في الاسكندرية السبت الماضي .. نظم عشرات من اطفال الدعوة السلفية وقفة لدعم السيسي (نفس اسلوب الاخوان في رابعة ) وقال ياسر برهامي :"السيسي الاصلح شرعا" ورفعت لافتات تقول:"السيسي رئيسي" و "شيخنا برهامي في القلب"وكأننا في ايران عشية وصول الخميني للحكم شاهدت بأم عيني لافتات مماثلة من الاطفال في طهران.
نادر بكار المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي صرح لرويتر الاثنين الماضي:"الهيئة العليا للحزب انتهت الي تأييد السيسي رئيسا للبلاد وليس المرشح اليساري حمدين صباحي، وأضاف لاننا رأينا انه الانسب شرعا"، يلاحظ "اليساري" ودلالتها الي جوار استخدام كل مشايخ وقيادات السلفية "للأنسب شرعا" وكأننا نختار خليفة للمسلمين!!
من السلفيين الاسلاميين الي السلفيين الاقباط:
علي الجانب الاخر خرج بعض بعض رجال الدين المسيحي عن وقارهم المعهود، وكأنهم فقدوا القدرة علي ضبط النفس، او كما يقول الصعايدة "فلت عيارهم "،و في تصريحات قادمة من جنوب مصر حاملة معها حرارة الصعيد القاسية وتحديدا من مدينة الأقصر الهادئة، خرج علينا أحد رجال الدين المسيحي وهو القس مينا جرجس راعي كنيسة السيدة العذراء بإسنا جنوب الأقصر بتصريحات مؤيدة للمشير عبد الفتاح السيسي.
لا بأس من تأييد أي مواطن لمرشح ما، لكن "ابونا" القس في النهاية مواطن مصري له حق الترشيح وفق قناعاته السياسية، ولكننا امام مواطن يحمل في نفس الوقت رتبة كنسية في مجتمع يقتدي برجال الدين ويحذو حذوهم، كما أن "ابونا" القس يمثل مؤسسة وطنية عريقة وهي الكنيسة والتي أعلنت موقفها بالحياد وعدم توجيه اتباعها صوب التصويت الى مرشح بعينه، فأين الالتزام المؤسسي.
كما أن تصريحات "ابونا" القس من النوع الخارج عن المألوف وتتسم بالمزايدة والمغالاة، فقد وصف السيد المشير عبد الفتاح السيسي بأنه علامة من علامات التاريخ كالنيل والأهرامات وهبة من الله لمصر سجله التاريخ في ذاكرة الزمن إلى مالا نهاية، ولا بأس في تلك التوصيفات فالرجل يستحقها حيث بذل الكثير والكثير من أجل مصر منذ أن التحق بمؤسستها العسكرية وصولا إلى دوره في 30 يونيو حيث أنه كان المترجم الفعلي لصوت الشعب وخلص مصر من حكم الأخوان الغاشم، ولكن القس أراد أن يستفيض في المدح فوصف السيسي فقال أقول للسيسي:" طوبى للبطن التي حملتك وللثديين اللذين أرضعاك"، وهو ما يقال عن السيد المسيح. ورغم اندهاشي مما قاله هذا القس، إلا ان الرجل معذور فمن شابة اساقفته ما ظلم، لعل الاسقف المبجل ارميا صاحب ومدير المركز الثقافي القبطي الارثوزكسي يكاد يكون جهارا نهارا ليس من انصار المشير السيسي فحسب بل ويفتح المركز لحملة السيسي، ويلعب دورا سياسيا يفوق ادوار رؤساء الاحزاب، ويجمع من حولة مجموعة اوهمها انة يعد قوائم القائمة القومية الانتخابية للبرلمان القادم ،ويعطي للبعض انطباعا بأنة قدم البعض من "مشتاقي" الاقباط لحملة السيسي !! وبالطبع يروج لذلك عبر مكانتة الاسقفية ومركزة الموقر، وعلاقاتة "المالية" بطغمة رجال الاعمال ،وفضائية "مار مرقص"، وتقرب بعض الباحثين عن ادوار من الذين يجلسون في الصفوف الاولي بالكنيسة بالاعياد، ويتقربون للمسئولين علي انهم رجال الكنيسة، ويتقربون لبعض الاساقفة علي انهم رجال السيسي ،ذلك هو نيافة الاسقف المبجل ارميا الذي يوحي للجميع انة "مسنود من السيسي "، وسبق ان اوحي بذلك مع جمال مبارك، والمجلس العسكري السابق، ثم الجنرال احمد شفيق ،والمرشد الارهابي محمد بديع، والرئيس المتهم بالتخابرمرسي، والان مع الحكام الجدد، بأختصار اصبح "معروف للكافة" وانة لايجدد في مهاراتة وادواتة، ناهيك عن ان كل تلك الذاكرة ليست سرية بل علنية وموثقة في ظل ثورة الاتصالات.
من الاسلام السياسي للمسيحية السياسية:
دعنا نعود بالذاكرة إلى ما يقرب من عام عندما وصف انصار المعزول رئيسهم بيوسف الصديق، وقامت الدنيا حينها كيف يتجرأ هؤلاء بتشبيه مرسي بيوسف نبي الله؟ واليوم نقف أمام تصريحات القس مينا جرجس ومن قبله الأنبا أرميا الذي وصف السيسي بـ"المخلص"، والدكتور مينا بديع عبد الملك التي وصف السيسي بـ"المستحق" وهي الفاظ مسيحية لا تنطبق إلا على المسيح والقديسين.
سبق أن قولت وكررت مرارا اللهم احمي السيسي من مؤيديه أما اعداءه فهو كفيل بهم، واقول هذه المقولة، كلما رأيت تصريح مثل تلك التصريحات التي تسئ للرجل وتنفر الجماهير من حوله من دون ذنب اقترفته يداه واجزم أنه هو نفسه ينفر منها واتوجه لمن يهمة الامر في الوطن والكنيسة، أن يضع حدا لتلك المهازل التي لا ترضي أي دين.
سببت تلك التصريحات حالة من الغليان لدى الشارع القبطي فيقول مينا نادي القيادي في اتحاد شباب ماسبيرو "سبق وان نظمنا وقفة صامتة ضد الانبا ارميا في شهر سبتمبر من العام الماضي داخل الكاتدرائية اعتراضا علي تعليقه في ندوة داخل المركز الثقافي القبطي علي مواد الدستور ومطالبته بحذف كلمة "لغير المسلمين" من المادة الثالثة! وانا الاحظ ان المركز الثقافي الذي يرأسه الانبا ارميا خارج عن اطاره الروحي والتعليمي ويقيم ندوات سياسية وكان اخرها تلك الندوة المسماه "شوطها صح" والتي تم فيها استضافة الدكتور هاني عازر خبير الانفاق والمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء وكان مدعو ايضا وفد من الحملة الشعبية لدعم المشير السيسي وكان من المقرر انهم سوف يقومون بزيارة قداسة البابا كما اعلنوا في تصريحاتهم لكي يوضحوا له اسرار مذبحة ماسبيرو! والغريب انه لم يكن للبابا اي علم بترتيبات هذة المقابل وكان ليس متواجد داخل المقر البابوي ولاحظنا منذ ايام قليلة ظهور القمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية حاضرا في مؤتمر الحملة الرسمية لدعم السيسي والقي كلمه، وطل علينا القس مينا وكيل مطرانية الاقصر في مؤتمر اخر لدعم السيسي يعظم في سيادة المشير ويشبه بالسيد المسيح! وكل هذا مخالفا لقرارات الكنيسة التي اعلنها قداسة البابا تواضروس بأن الكنيسة تقف علي الحياد وعلي مسافة واحدة من كلا المرشحين ولن تدعم احد ونجد هناك بعض من الاساقفة والكهنة يتدخلون في السياسة ويبتعدون عن دورهم الروحي والتعليمي وهذا امر اصبح غير مقبول وكما رفضنا تدخل رجال الدين الاسلامي والشيوخ في السياسة كذلك انا ارفض تدخل رجال الدين المسيحي في السياسة"
اما مينا سمير الباحث في الشئون القبطية فيقول "إذا كان بعض الأساقفة ينظمون مؤتمرات التأييد ويمتدحون المشير عبد الفتاح السيسي بعبارات لا تقال إلا للإشارة للسيد المسيح أو القديسين فكيف لنا أن نهاجم قس أقتضى بهم؟، فالمثل الشعبي يقول إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص، والسؤال في ذهني يطرح نفسه، أين أصوات "حركة حماة الإيمان" أو حركة "أبناء البابا شنودة"؟؟ لقد أقاموا الدنيا عندما اراد البابا أن يدخل بعض الحداثة على طقوس عمل الميرون وامتلأت الأرض بصراخهم بأن تعاليم الآباء والتسليم الرسولي في خطر وأنه لا يجب مخالفتها، أليست تلك التصريحات هي مخالفة لقرارات أسقف؟ أليس البابا أسقف الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية أم انهم لا يعتبرونه من الآباء؟، أم أن هناك علاقة بين هذه المجموعات وبعض الأساقفة المؤيدين لتلك الأفعال والفاعلين لها؟"
ويقول مينا مجدي المنسق العام لاتحاد شباب ماسبيرو فيقول "لقد قرأت تصريحات الكاهن مينا جرجس، وهي تصريحات كارثية، فالناس في الصعيد يعتبر الدين أحد محركاتهم الرئيسية والكاهن يعتبر ممثل للدين فبالتالي تصريح مثل هذا مؤثر في توجهات الناس وقراراتهم، كما أن الكاهن بتصريحاته تلك قد أهان نفسه وأهان الكنيسة فهذه التصريحات بمجرد سماعها يستشف منها المهادنة، كما أنه خالف قرار الكنيسة بالحياد ولا بد من اجراء حاسم تجاهه هو وجميع رجال الدين الذين اتخذوا موقف مغاير لموقف الكنيسة المعلن"
اصوات عاقلة ورصينة:
في مواجهة تلك الحملات غير المبررة من بعض رجال الدين الاسلامي والمسيحي، دعا الامام الاكبر فضيلة شيخ الازهر المواطنين للذهاب للانتخابات والمشاركة واختيار من يرونة الاصلح، كذلك كان قداسة البابا تواضروس الثاني قد صرح بأن الكنيسة محايدة ولا تؤيد مرشح بعينة، وتدعوا المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين للمشاركة واختيار الاصلح (انظر حديث البابا في صحيفة حامل الرسالة الكاثوليكية)
كان اسقف المنيا نيافة الانبا مكاريوس، قد اصدر بيانا الاربعاء الماضي جاء فيه:"...يروج البعض ان الرئاسة الدينية تحشد الاقباط باتجاه مرشح بعينه ولكن الكنيسة ليس لها مرشح بذاته تدعمه وتوصي باختياره، بل وعندما يطلب منها المشورة فأنها توصي بضرورة المشاركة فقط، اي ليكن كل شخص ايجابيا يخرج يعبر عن رأيه، وذلك بعد الاطلاع علي البرنامج الانتخابي لكل مرشح، وعلي اساسه يعطي صوتة "وأضاف البيان :"الكنيسة ليست وصية علي الأقباط كما ان الاقباط لا يختزلون في القيادة الدينية لان هذه القيادة لا تنتهج سياسة القطيع، فقد تعلمنا من الله ان نحترم استقلال كل أحد وألا نصادر على حرية الانسان، اننا نحيي كل من يتقدم معلنا رغبته الصادقة في خدمة البلاد والتضحية لأجلها، ونؤيد ونساند بشدة كل من يحب مصر، ويعمل من اجل خيرها ورفاهيتها، واما الكنيسة ومع كامل تقديرنا لكل وعود المرشحين فليست له اية مطالب،محلية ولا طائفية ولا وقتية، وإنما مطالبنا كأقباط هي مصرية مائة بالمائة، ،فأننا نحب كل من يحب مصر، وكل من يعمل من اجل مصر سيحقق قطعا العدالة والمساواة بين ابناذ الوطن الواحد، نقول ذلك حتى لا يظن احدا ما أن هناك (فاتورة قبطية) يتوجب علي الفائز تسديدها، بل لقد صلينا لأجل الذين قتلونا واصابونا ونهبوا ممتلكاتنا واحرقوا كنائسنا وديارنا، قبل حكمهم وأثنائه وبعده. وبشكل عام فاننا نطلب من اجل الملوك والرؤساء في صلواتنا اليومية، بل نتوسل الي الله ان يرعي الجميع، من اصغر الرعايا الي أعظم القادة"
كذلك صرح القمص رويس، وكيل البابا بالإسكندرية الخميس الماضي: "انة تم اعلام جميع الاباء الكهنة بالاسكندرية بعدم توجية الناخبين، واقتصار دور الكنيسة علي التوعية والتشجيع علي المشاركة فقط، كما اعلن قداسة البابا"وشدد القمص مرقص علي :"عدم استقبال اي من المرشحين او من ينوب عنهم في اي كنيسة، لاي سبب او اعطاء بيانات الناخبين لاي شخص"
هكذا توحدت الخطابات الدينية السلفية من بعض رجال الدين من الطرفين رغم ان المؤسسات الدينية الرسمية اعلنت حيادها، ودعت المواطنين للمشاركة، يعود ذلك بالاساس بضعف القوي المدنية، واذا عدنا الي حلف ثورة 30 يونيو سنجدها انها كانت تتكون من :(القوات المسلحة، الأزهر، الكنيسة، السلفيين "حزب النور"، حركة تمرد، البرادعي ممثلا للقوي المدنية)
والان انسحب البرادعي وانتهي العمر الافتراضي لحركة تمرد بعد ان انقسمت بين حمدين والسيسي، بالطبع لم يبقي في المشهد من الحلف سوي القوات المسلحة والقوي والمؤسسات الدينية، وبدون دواعي الحرج فأن القوات المسلحة خرج من رحمها مرشح رئاسي رغبة في ضمان ما تراه حماية للبلاد، واصطفت القوي الدينية خلفة كونها البديل الواقعي لضعف وخيبة القوي المدنية (حتى وان تبقي في الساحة مرشح مدني رئاسي لحفظ ماء الوجه امام العالم ويشكر علي ذلك).
هذا التحليل يبتغي الموضوعية ويحترم ويقدر كلا المرشحين، وجميع رجال الدين رغم اختلافنا علي تديين الحملة الانتخابية لان الارهاب لا يكافح فقط بشكل أمني بل الارهاب يبد أ فكرا وخلط الخطاب الديني بالسياسي يعني اعطاء الارهاب "قبلة الحياة" وعلى الامام الاكبر فضيلة شيخ الازهر ان ينتبه لذلك قبل فوات الاوان، ويا قداسة البابا تواضروس ،لم يعد الصمت ممكنا ،بعض اساقفتك وكهنتك بوعي او بدون وعي صاروا "المعادل الموضوعي للسلفيين والمبرر لوجودهم، ربنا معاك ويحفظك حياتك، ويبدد مشورتهم.

ليست هناك تعليقات: