لا تواجه الأصولية الدينية.. بالأصولية الحزبية
بقلم / خالد حدادة
الحزب الشيوعي ومعه الديمقراطيون والتقدميون اللبنانيون، دفعوا اثمانا كبيرة في مواجهة "الأصولية الأم" المتمثلة بالحركة الصهيونية، قبل انشاء الكيان الصهيوني وبعده، خلال الاعتداءات المستمرة على لبنان وشعبه، وهذا الثمن جسده مئات الشهداء وآلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين.
في نهايات القرن الماضي، استعادت ظاهرة "الأصولية"، الضاربة جذورها في التاريخ، حجمها ودورها، لا بل أنه في مرحلة من المراحل، وعلى انقاض التجربة الإشتراكية المنهارة مع انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبحت الأصولية المتعددة، السلاح الأيديولوجي للنظام العالمي الجديد، عبر الترويج لمنطق صراع الحضارات على "انقاض" ما اعتبروه "نهاية التاريخ" مع نهاية مفترضة للصراع الطبقي من قبل منظري البورجوازية والعولمة الجديدة.
وترافقاً مع السيطرة الإقتصادية، كان طبيعياً أن يكون لـ"الأصولية المسيحية" الدور الأبرز في تحديد مسار الصراعات الإجتماعية والسياسية في العالم الجديد كونها السلاح الأهم بالنسبة لها في السيطرة على العالم.
ونمت في حضن ايديولوجية "المحافظين الجدد" حركة اصوليات متعددة. فازدادت الحركة الصهيونية قوة، بازدياد احتضان الولايات المتحدة لها كي تحفز دورها في حماية مصالح الرأسمال العالمي في المنطقة، على حساب شعوبها وبشكل خاص على حساب الشعب الفلسطيني.
وازداد دور الحركة الأصولية السنية النامي في رحم الحركة الوهابية والموجهة والمدربة في مؤسسات الأمن الأميركي المركزي والمتلبسة لشعاراتها ومعاركها في وجه "الإلحاد" في أفغانستان في محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد: الأول، تسريع انهيار التجربة الاشتراكية، كونها التعبير الأخطر عن جوهر الصراع الطبقي، والثاني، في توجيه الصراع في الشرق الأوسط باتجاه آخر، يبعد الخطر "الإسرائيلي" عن أولوية المواجهات العربية واستبدال هذا العدو الأول، بأعداء آخرين تمثلّ الحركات الأصولية المتعددة المشارب والممثلة للبرجوازيات التابعة في المنطقة واجهته الأساسية.
ولم تسلم الثورة الإسلامية في ايران من هذه التحولات، بعد أن كانت وعاء سياسياَ لمصالح الفئات الاجتماعية المتضررة من البورجوازية الإيرانية في عهد الشاه وبشكل خاص تعبيراً سياسياً عن "البرجوازية الوطنية" الإيرانية في استكمال لتجارب وطنية أخرى مثلتها حركة "مصدق" في النصف الثاني من القرن الماضي. وأتت عشية الثورة لتشهد تحالفاً بين الحركات الإسلامية المتنورة، التي قادها الإمام الخميني وبين قوى اليسار الإيراني متعدد المشارب. هذا التحالف الذي قاد الثورة الايرانية الى النجاح شهد انتكاسات متتالية، تمثلت في اتجاه البورجوازية الايرانية لإحكام سيطرتها السياسية، مستبعدة الاطار الديموقراطي الذي تحدثت عنه قبل عودة الإمام الى ايران وبالتالي متراجعة عن التنوع السياسي والفكري كغطاء، لانحياز الثورة لمصالح البورجوازية الإيرانية على حساب الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً.
وبغض النظر عن الموقع والاستهدافات، تم استدراج الثورة الفتية للانخراط في بعض ما يستهدفه المشروع الأميركي، فتقاطعت معه تحت شعار "الاسلام" في معركة أفغانستان ونجح في استدراجها الى فخ الصراعات المذهبية، برغم مواقفها المكررة في مواجهة اسرائيل.
ولم تقتصر الموجة "الأصولية" على الحركات الدينية، بل تعدتها في السنوات الماضية الى مفهوم العلمانية نفسه وطبيعي ان تقود البورجوازية الفرنسية هذا "التحول الأصولي" مستفيدة من موجة خلقتها البرجوازيات الفرنسية فيما سمي "الأسلاموفوبيا" بعد 11 ايلول.
وهكذا بدأت مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالتحديد، وتحت قبعته جان ماري لوبان وابنته، موجة الحديث عن إعادة تحديد مفهوم المواطنة الفرنسية، باستعادة مفهوم بورجوازي ـ رجعي للعلمنة، كانت مظاهره الأولى في المراحل التي تلت الثورة الفرنسية وبشكل خاص المراحل التي رافقت عودة الامبراطوريات، وأصبح الحديث عن مفهوم "أصولي" للعلمنة يقدم العلمنة إما "ضد الدين" أو ديناً آخر.
وشيء طبيعي أنه في هذا الشعار المحرف للعلمنة، تقاطع واضح مع الأصوليات الدينية بعكس ما يحاول منظروه تقديم أنفسهم.
فالعلمنة، ليست ضد الدين ولا هي دين آخر، بل هي كما قدمها ثوار كومونة باريس تحديداً، سياق سياسي اجتماعي يعبر عن مضمون طبقي في مواجهة سيطرة البورجوازية الفرنسية الناهضة حينها وفي مواجهة سيطرة فئات طبقية في العهد الملكي محمية من قبل الكنيسة ومحتضنة منها.
إنها باختصار تعبير اجتماعي لمفهوم "المواطنة" بما يمثل مصالح الفئات الشعبية الكادحة... وبالتالي هي بالمفهوم الحديث غير منعزلة عن مفهوم التنمية، والمفهومان في هذا الاطار مندمجان في إطار حركة التغيير الاجتماعي نحو الإشتراكية في فهمها المتجدد.
وشيء طبيعي، أن يكون لبنان بتكوينه "الديموغراسي"، احد المواقع التجريبية الأساسية، لتقاطع وصراع الأصوليات، في تعبير عن تقاطع وتصارع مصالح البرجوازيات المتنافسة على المستويات الإقليمية والدولية والمحلية.
سأكتفي في هذا السياق، بالإشارة الى حقيقة أن الحزب الشيوعي اللبناني، كما كل القوى الديموقراطية، دفعت ثمناً كبيراً لهذه التقاطعات وهذه الصراعات وشكل موضوع التعاطي مع "القوى الدينية" خصوصاً في مؤتمره العاشر إحدى النقاط الأكثر حساسية ودقة، لما تحتويه هذه العلاقة المترابطة مع الصراع الطبقي من جهة ومع الصراع الوطني في وجه العدو الإسرائيلي من جهة أخرى، من تداخل وتمايز وحالات تعطي أولوية للطابع السياسي لهذه العلاقة.
فالحزب الشيوعي ومعه الديموقراطيون والتقدميون اللبنانيون، دفعوا اثمانا كبيرة إن لم يكن الثمن الأكبر في مواجهة "الأصولية الأم" المتمثلة بالحركة الصهيونية، قبل انشاء الكيان الصهيوني وبعده، خلال الإعتداءات المستمرة على لبنان وشعبه، وهذا الثمن جسده مئات الشهداء وآلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين، وربما كانت المواجهة مع هذه "الأصولية" هي الأكثر سعادة وفرحاً عند الشيوعيين اللبنانيين، كانت كذلك وتستمر، ولكي نجسد أكثر هذا الفرح والسعادة في المواجهة ما علينا إلاً استعادة ما كتبه شيخ المقاومين حسين مروه على صفحات "النداء"، أثناء الإحتلال الاسرائيلي في العام 1982.
وكذلك دفع الحزب والتقدميون، أثماناً غالية وكبيرة، في اعتداءات الأصوليات المستتبعة أو الاًرتدادية ـ من الأصولية المسيحية اللبنانية، تهجيراً وقتلاً خلال الحرب الأهلية، الى الأصولية الشيعية واستهدافها لمجموعة واسعة من المفكرين والفنانين والمقاومين الشيوعيين في الثمانينيات، ولعل أبرزهم وأكثرهم دلالة، عملية اغتيال المفكر الكبير حسين مروه في 17 شباط 1987 ومن بعده المفكر المقاوم "مهدي عامل" وغيرهم العشرات... وصولاً الى "الأصولية السنية"، التي تجلت خصوصاً في الشمال وفي مجازر طرابلس وتحديداً مجزرة الميناء في 13 تشرين الأول 1983.
خلال كل هذه المواجهات، لم يكن المتهم هو الدين بذاته ولا الحركات الدينية. المتهم الدائم من له مصلحة في استهداف الموقعين الوطني والإجتماعي للحزب. هؤلاء ممثلو البورجوازية اللبنانية الذين يستخدمون الدين والحركات الدينية أداة لتثبيت موقعهم في السيطرة على الوطن ومقدراته... وبالتالي نحن على ثقة كاملة بأن المستهدف في حزبنا، كان وسيبقى موقفه من القضية الوطنية وبشكل خاص قضية فلسطين ومن القضية الاجتماعية وانحيازه لمصالح الفئات الشعبية والكادحة.
على هذا الأساس، ابتعدنا عن محاولة دفعنا ودفع الحركة الديموقراطية في لبنان الى مواجهة، تأخذ طابع "الأصولية" الحزبية في مواجهة "الأصوليات الدينية"، وحددنا أن علاقتنا مع أية قوة دينية أو غير دينية، طائفية أم علمانية، تنطلق من موقعها في الصراع الوطني والصراع الاجتماعي ومن عملية التغيير الديمقراطي في لبنان.
في نهايات القرن الماضي، ومع أزمة الرأسمالية ذات الطابع البنيوي والحاد، هذه الأزمة التي جرفت معها الروح الانتصارية للإدارة الأميركية المحافظة ولمفكريها ومنظريها لنهاية التاريخ.. جاء من يقول في أوروبا أن "شبح ماركس" عاد ليحوم فوق العالم.
واليوم، وفي مواجهة المؤامرات المتكررة للبورجوازية العربية وللنظام الرسمي العربي وبالتالي مأزق "الأصوليات"، كتعبير عن مصالح هذه البورجوازية، لا بد من الإشارة الى حقيقة، أن الظلام ليس هو الضوء الأسود بل هو غياب الضوء.. وعلى هذا الاساس، فلينظر الشيوعيون والتقدميون العرب الى "شبح حسين مروة" وأوراق نتاجه العظيم "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" يحوم فوق منطقتنا مضيئاً الطريق، فلنبذل الجهد.
الحزب الشيوعي ومعه الديمقراطيون والتقدميون اللبنانيون، دفعوا اثمانا كبيرة في مواجهة "الأصولية الأم" المتمثلة بالحركة الصهيونية، قبل انشاء الكيان الصهيوني وبعده، خلال الاعتداءات المستمرة على لبنان وشعبه، وهذا الثمن جسده مئات الشهداء وآلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين.
في نهايات القرن الماضي، استعادت ظاهرة "الأصولية"، الضاربة جذورها في التاريخ، حجمها ودورها، لا بل أنه في مرحلة من المراحل، وعلى انقاض التجربة الإشتراكية المنهارة مع انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبحت الأصولية المتعددة، السلاح الأيديولوجي للنظام العالمي الجديد، عبر الترويج لمنطق صراع الحضارات على "انقاض" ما اعتبروه "نهاية التاريخ" مع نهاية مفترضة للصراع الطبقي من قبل منظري البورجوازية والعولمة الجديدة.
وترافقاً مع السيطرة الإقتصادية، كان طبيعياً أن يكون لـ"الأصولية المسيحية" الدور الأبرز في تحديد مسار الصراعات الإجتماعية والسياسية في العالم الجديد كونها السلاح الأهم بالنسبة لها في السيطرة على العالم.
ونمت في حضن ايديولوجية "المحافظين الجدد" حركة اصوليات متعددة. فازدادت الحركة الصهيونية قوة، بازدياد احتضان الولايات المتحدة لها كي تحفز دورها في حماية مصالح الرأسمال العالمي في المنطقة، على حساب شعوبها وبشكل خاص على حساب الشعب الفلسطيني.
وازداد دور الحركة الأصولية السنية النامي في رحم الحركة الوهابية والموجهة والمدربة في مؤسسات الأمن الأميركي المركزي والمتلبسة لشعاراتها ومعاركها في وجه "الإلحاد" في أفغانستان في محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد: الأول، تسريع انهيار التجربة الاشتراكية، كونها التعبير الأخطر عن جوهر الصراع الطبقي، والثاني، في توجيه الصراع في الشرق الأوسط باتجاه آخر، يبعد الخطر "الإسرائيلي" عن أولوية المواجهات العربية واستبدال هذا العدو الأول، بأعداء آخرين تمثلّ الحركات الأصولية المتعددة المشارب والممثلة للبرجوازيات التابعة في المنطقة واجهته الأساسية.
ولم تسلم الثورة الإسلامية في ايران من هذه التحولات، بعد أن كانت وعاء سياسياَ لمصالح الفئات الاجتماعية المتضررة من البورجوازية الإيرانية في عهد الشاه وبشكل خاص تعبيراً سياسياً عن "البرجوازية الوطنية" الإيرانية في استكمال لتجارب وطنية أخرى مثلتها حركة "مصدق" في النصف الثاني من القرن الماضي. وأتت عشية الثورة لتشهد تحالفاً بين الحركات الإسلامية المتنورة، التي قادها الإمام الخميني وبين قوى اليسار الإيراني متعدد المشارب. هذا التحالف الذي قاد الثورة الايرانية الى النجاح شهد انتكاسات متتالية، تمثلت في اتجاه البورجوازية الايرانية لإحكام سيطرتها السياسية، مستبعدة الاطار الديموقراطي الذي تحدثت عنه قبل عودة الإمام الى ايران وبالتالي متراجعة عن التنوع السياسي والفكري كغطاء، لانحياز الثورة لمصالح البورجوازية الإيرانية على حساب الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً.
وبغض النظر عن الموقع والاستهدافات، تم استدراج الثورة الفتية للانخراط في بعض ما يستهدفه المشروع الأميركي، فتقاطعت معه تحت شعار "الاسلام" في معركة أفغانستان ونجح في استدراجها الى فخ الصراعات المذهبية، برغم مواقفها المكررة في مواجهة اسرائيل.
ولم تقتصر الموجة "الأصولية" على الحركات الدينية، بل تعدتها في السنوات الماضية الى مفهوم العلمانية نفسه وطبيعي ان تقود البورجوازية الفرنسية هذا "التحول الأصولي" مستفيدة من موجة خلقتها البرجوازيات الفرنسية فيما سمي "الأسلاموفوبيا" بعد 11 ايلول.
وهكذا بدأت مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالتحديد، وتحت قبعته جان ماري لوبان وابنته، موجة الحديث عن إعادة تحديد مفهوم المواطنة الفرنسية، باستعادة مفهوم بورجوازي ـ رجعي للعلمنة، كانت مظاهره الأولى في المراحل التي تلت الثورة الفرنسية وبشكل خاص المراحل التي رافقت عودة الامبراطوريات، وأصبح الحديث عن مفهوم "أصولي" للعلمنة يقدم العلمنة إما "ضد الدين" أو ديناً آخر.
وشيء طبيعي أنه في هذا الشعار المحرف للعلمنة، تقاطع واضح مع الأصوليات الدينية بعكس ما يحاول منظروه تقديم أنفسهم.
فالعلمنة، ليست ضد الدين ولا هي دين آخر، بل هي كما قدمها ثوار كومونة باريس تحديداً، سياق سياسي اجتماعي يعبر عن مضمون طبقي في مواجهة سيطرة البورجوازية الفرنسية الناهضة حينها وفي مواجهة سيطرة فئات طبقية في العهد الملكي محمية من قبل الكنيسة ومحتضنة منها.
إنها باختصار تعبير اجتماعي لمفهوم "المواطنة" بما يمثل مصالح الفئات الشعبية الكادحة... وبالتالي هي بالمفهوم الحديث غير منعزلة عن مفهوم التنمية، والمفهومان في هذا الاطار مندمجان في إطار حركة التغيير الاجتماعي نحو الإشتراكية في فهمها المتجدد.
وشيء طبيعي، أن يكون لبنان بتكوينه "الديموغراسي"، احد المواقع التجريبية الأساسية، لتقاطع وصراع الأصوليات، في تعبير عن تقاطع وتصارع مصالح البرجوازيات المتنافسة على المستويات الإقليمية والدولية والمحلية.
سأكتفي في هذا السياق، بالإشارة الى حقيقة أن الحزب الشيوعي اللبناني، كما كل القوى الديموقراطية، دفعت ثمناً كبيراً لهذه التقاطعات وهذه الصراعات وشكل موضوع التعاطي مع "القوى الدينية" خصوصاً في مؤتمره العاشر إحدى النقاط الأكثر حساسية ودقة، لما تحتويه هذه العلاقة المترابطة مع الصراع الطبقي من جهة ومع الصراع الوطني في وجه العدو الإسرائيلي من جهة أخرى، من تداخل وتمايز وحالات تعطي أولوية للطابع السياسي لهذه العلاقة.
فالحزب الشيوعي ومعه الديموقراطيون والتقدميون اللبنانيون، دفعوا اثمانا كبيرة إن لم يكن الثمن الأكبر في مواجهة "الأصولية الأم" المتمثلة بالحركة الصهيونية، قبل انشاء الكيان الصهيوني وبعده، خلال الإعتداءات المستمرة على لبنان وشعبه، وهذا الثمن جسده مئات الشهداء وآلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين، وربما كانت المواجهة مع هذه "الأصولية" هي الأكثر سعادة وفرحاً عند الشيوعيين اللبنانيين، كانت كذلك وتستمر، ولكي نجسد أكثر هذا الفرح والسعادة في المواجهة ما علينا إلاً استعادة ما كتبه شيخ المقاومين حسين مروه على صفحات "النداء"، أثناء الإحتلال الاسرائيلي في العام 1982.
وكذلك دفع الحزب والتقدميون، أثماناً غالية وكبيرة، في اعتداءات الأصوليات المستتبعة أو الاًرتدادية ـ من الأصولية المسيحية اللبنانية، تهجيراً وقتلاً خلال الحرب الأهلية، الى الأصولية الشيعية واستهدافها لمجموعة واسعة من المفكرين والفنانين والمقاومين الشيوعيين في الثمانينيات، ولعل أبرزهم وأكثرهم دلالة، عملية اغتيال المفكر الكبير حسين مروه في 17 شباط 1987 ومن بعده المفكر المقاوم "مهدي عامل" وغيرهم العشرات... وصولاً الى "الأصولية السنية"، التي تجلت خصوصاً في الشمال وفي مجازر طرابلس وتحديداً مجزرة الميناء في 13 تشرين الأول 1983.
خلال كل هذه المواجهات، لم يكن المتهم هو الدين بذاته ولا الحركات الدينية. المتهم الدائم من له مصلحة في استهداف الموقعين الوطني والإجتماعي للحزب. هؤلاء ممثلو البورجوازية اللبنانية الذين يستخدمون الدين والحركات الدينية أداة لتثبيت موقعهم في السيطرة على الوطن ومقدراته... وبالتالي نحن على ثقة كاملة بأن المستهدف في حزبنا، كان وسيبقى موقفه من القضية الوطنية وبشكل خاص قضية فلسطين ومن القضية الاجتماعية وانحيازه لمصالح الفئات الشعبية والكادحة.
على هذا الأساس، ابتعدنا عن محاولة دفعنا ودفع الحركة الديموقراطية في لبنان الى مواجهة، تأخذ طابع "الأصولية" الحزبية في مواجهة "الأصوليات الدينية"، وحددنا أن علاقتنا مع أية قوة دينية أو غير دينية، طائفية أم علمانية، تنطلق من موقعها في الصراع الوطني والصراع الاجتماعي ومن عملية التغيير الديمقراطي في لبنان.
في نهايات القرن الماضي، ومع أزمة الرأسمالية ذات الطابع البنيوي والحاد، هذه الأزمة التي جرفت معها الروح الانتصارية للإدارة الأميركية المحافظة ولمفكريها ومنظريها لنهاية التاريخ.. جاء من يقول في أوروبا أن "شبح ماركس" عاد ليحوم فوق العالم.
واليوم، وفي مواجهة المؤامرات المتكررة للبورجوازية العربية وللنظام الرسمي العربي وبالتالي مأزق "الأصوليات"، كتعبير عن مصالح هذه البورجوازية، لا بد من الإشارة الى حقيقة، أن الظلام ليس هو الضوء الأسود بل هو غياب الضوء.. وعلى هذا الاساس، فلينظر الشيوعيون والتقدميون العرب الى "شبح حسين مروة" وأوراق نتاجه العظيم "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" يحوم فوق منطقتنا مضيئاً الطريق، فلنبذل الجهد.
لا تواجه الأصولية الدينية.. بالأصولية الحزبية
Reviewed by Gharam elsawy
on
2:16 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: