السماح للمعلمات المسلمات رسميا بارتداء الحجاب في المدارس الألمانية
أثار حكم الحجاب الصادر عن قضاة المحكمة الدستورية الاتحادية في مدينة كارلسروه الألمانية في الثالث عشر من شهر آذار/ مارس 2015 أصداء مختلفة لدى الرأي العام الألماني. ففي حين أن البعض يصفونه بأنه قرار تاريخي حاسم، فإن الآخرين لا يرون فيه حلا لهذه المشكلة، بل يعتبرونه سببا محتملا لمشكلات أخرى.
الصحفية التركية الألمانية جنان توبتشو تسلط الضوء لموقع قنطرة على المواقف في ألمانيا من هذا الحكم.يتم التعليق كثيرًا على قرار قضاة المحكمة الدستورية الاتِّحادية في مدينة كارلسروه الألمانية من قبل سياسيين وأشخاص مشهورين ومن قبل مدراء مدارس ومعلمين ومحامين وصحفيين وباحثين في العلوم الإسلامية وعلماء في الفقه الإسلامي وكذلك من قبل ممثِّلين عن الجمعيات الإسلامية.
وحتى أنَّ الشابات المسلمات المحجَّبات وغير المحجَّبات يبادرن بالحديث حول هذا القرار - ولكن غالبًا ما يدور هذا الحديث في شبكات التواصل الاجتماعي. كما أنَّهن يمتعضن قبل كلِّ شيء من أولئك الذين يعتقدون أنَّهم يعرفون ماذا يدور في عقولهن وما هي العقيدة التي تحثُّهن على ستر شعرهن ومَنْ الذي يجبرهن على القيام ذلك.
يمتد الحدُّ الفاصل في المواقف من حكم الحجاب بين المؤيِّدين المقتنعين بحكم المحكمة الدستورية الاتِّحادية في ألمانيا، الذي ألغى أخيرًا بحسب رأيهم عدم مساواة الأديان، وبين منتقدي هذا الحكم، الذين يشكِّكون على سبيل المثال بعدم حيادية المعلمات المحجَّبات ويتوقَّعون "عواقب وخيمة" لهذا الحكم.
"خطوة عظيمة في الاتِّجاه الصحيح"
المحامية البرلينية التي أصبحت في هذه الأثناء مُدوِّنة مشهورة، بيتول أولوسوي، دوَّنت بعد فترة وجيزة من الإعلان عن هذا الحكم في مدوَّنتها ما يلي: "أنا أسير اليوم عبر الشوارع مثل المنتصرة - متمهِّلة ومرتاحة، وبرأس مرفوعة. فحجابي تم دوسه رمزيًا بالأقدام لفترة طويلة. واليوم يمكنه أن يكون سعيدًا، أن يُواجَه على مستوى واحد وأن يتمتَّع بمستوى غير معتاد" في ألمانيا.
يمتد الحدُّ الفاصل في المواقف من حكم الحجاب بين المؤيِّدين المقتنعين بحكم المحكمة الدستورية الاتِّحادية في ألمانيا، الذي ألغى أخيرًا بحسب رأيهم عدم مساواة الأديان، وبين منتقدي هذا الحكم، الذين يشكِّكون على سبيل المثال بعدم حيادية المعلمات المحجَّبات ويتوقَّعون "عواقب وخيمة" لهذا الحكم.
"خطوة عظيمة في الاتِّجاه الصحيح"
المحامية البرلينية التي أصبحت في هذه الأثناء مُدوِّنة مشهورة، بيتول أولوسوي، دوَّنت بعد فترة وجيزة من الإعلان عن هذا الحكم في مدوَّنتها ما يلي: "أنا أسير اليوم عبر الشوارع مثل المنتصرة - متمهِّلة ومرتاحة، وبرأس مرفوعة. فحجابي تم دوسه رمزيًا بالأقدام لفترة طويلة. واليوم يمكنه أن يكون سعيدًا، أن يُواجَه على مستوى واحد وأن يتمتَّع بمستوى غير معتاد" في ألمانيا.
وبعد أن علمت بهذا الحكم، بدأت - مثلما تقول - بالبكاء من الفرحة والشعور بالراحة. إذ إنَّ إلغاء الحظر العام على ارتداء الحجاب في المدارس الألمانية يمثِّل "خطوة عظيمة ورائعة في الاتِّجاه الصحيح"، على حدِّ قول بيتول أولوسوي.
وعلى نحو مختلف قيَّم قرار المحكمة هذا أشخاصٌ مثل رئيس بلدية منطقة برلين نويكولن المنتهية ولايته هاينتس بوشكوفسكي (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني SPD)، وكذلك الرئيس السابق للمحكمة الدستورية الاتِّحادية هانس يورغن-بابير وسياسي حزب الاتِّحاد المسيحي الديمقراطي CDU فينفريد ماك من ولاية بادن فورتمبيرغ، حيث فسَّر نائب رئيس الكتلة البرلمانية فينفريد ماك حكم المحكمة هذا على أنَّه "تعبير عن تسامح مفهوم فهمًا خاطئًا".
بحسب اعتقاده
وفي هذا الصدد قال فينفريد ماك إنَّ الحجاب يحتوي على رمزية سياسية قوية، وإنَّ نظرة واحدة إلى العالم الإسلامي تساعد في رؤية أنَّ فرض الحجاب يتم أولاً في كلِّ مكان تميل فيه منطقة ما إلى التحوُّل إلى دولة دينية. وأضاف "يتعيَّن علينا ألاَّ نشجِّع لدينا أولئك الذين يريدون فرض نظام الدولة الإسلامية التقليدية". وأضاف أنَّ في ألمانيا باعتبارها "دولة ذات صبغة مسيحية" تبلورت قيم منها مساواة المرأة (مع الرجل)، أما الحجاب - بحسب تعبيره - فيتعارض مع هذه القيم ويهدِّد الاندماج: "وعندما ترتدي معلمة ما الحجاب، فعندئذ يشكَّل هذا ضغطًا على الأطفال وذويهم".
ومع ذلك فإنَّ مرتديات الحجاب الشابات بالذات، اللواتي اخترن مهنة التعليم، يعتبرن نساءً واثقات بأنفسهن وذكيات، لم يتم تدريسهن في فترة دراستهن المدرسية من قبل مربين ومعلمين كانوا يؤدُّون واجب التزامهم بالحياد. لقد تعرَّضت تقريبًا جميع هؤلاء المسلمات الشابات للتمييز من قبل المعلمين والمعلمات - وذلك بسبب انتمائهن الديني وبسبب حجابهن.
وعلى نحو مختلف قيَّم قرار المحكمة هذا أشخاصٌ مثل رئيس بلدية منطقة برلين نويكولن المنتهية ولايته هاينتس بوشكوفسكي (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني SPD)، وكذلك الرئيس السابق للمحكمة الدستورية الاتِّحادية هانس يورغن-بابير وسياسي حزب الاتِّحاد المسيحي الديمقراطي CDU فينفريد ماك من ولاية بادن فورتمبيرغ، حيث فسَّر نائب رئيس الكتلة البرلمانية فينفريد ماك حكم المحكمة هذا على أنَّه "تعبير عن تسامح مفهوم فهمًا خاطئًا".
بحسب اعتقاده
وفي هذا الصدد قال فينفريد ماك إنَّ الحجاب يحتوي على رمزية سياسية قوية، وإنَّ نظرة واحدة إلى العالم الإسلامي تساعد في رؤية أنَّ فرض الحجاب يتم أولاً في كلِّ مكان تميل فيه منطقة ما إلى التحوُّل إلى دولة دينية. وأضاف "يتعيَّن علينا ألاَّ نشجِّع لدينا أولئك الذين يريدون فرض نظام الدولة الإسلامية التقليدية". وأضاف أنَّ في ألمانيا باعتبارها "دولة ذات صبغة مسيحية" تبلورت قيم منها مساواة المرأة (مع الرجل)، أما الحجاب - بحسب تعبيره - فيتعارض مع هذه القيم ويهدِّد الاندماج: "وعندما ترتدي معلمة ما الحجاب، فعندئذ يشكَّل هذا ضغطًا على الأطفال وذويهم".
زيادة الضغط الاجتماعي على المسلمين العلمانيين؟
وفي حين ركّز قاضي المحكمة الدستورية السابق هانس يورغن-بابير في انتقاده لهذا الحكم على العواقب القانونية وتوقَّع أن حكم الحجاب هذا سوف يؤدِّي إلى "خلافات غير سارة"، استخدم هاينتس بوشكوفسكي حججًا مشابهة لتلك التي يذكرها عضو الحزب المسيحي الديمقراطي فينفريد ماك، وتنبأ بأنَّ هذا الحكم سوف يؤدِّي إلى نشر "موروث قديم" داخل الجاليات المسلمة.
وهذا "الموروث القديم" وصفه هاينتس بوشكوفسكي مؤخرًا في برنامج حوار الأسبوع على إذاعة دويتشلاند فونك قائلاً: "يجب على المرأة أن تطيع، وعليها أن تكون نقية ومنقادة وهي كذلك ملك زوجها. والرسالة هي: الجدة ترتدي الحجاب والخالات والعمَّات يرتدين الحجاب والأم ترتدي الحجاب وكذلك المعلمة ترتديه أيضًا".
وأضاف هاينتس بوشكوفسكي أنَّ هذا الحكم سوف يساهم في زيادة "الضغط الاجتماعي في المناطق السكنية على المسلمين العلمانيين الليبراليين" زيادة قوية. وبحسب رأي رئيس بلدية منطقة برلين نويكولن المنتهية ولايته فإنَّ القضاة الذين أصدروا هذا الحكم "لا توجد لديهم أية فكرة عمَّا يدور في مناطق وأحياء مثل منطقة نويكولن (البرلينية) - أو في مدينة مانهايم (...) أو في مدينتي دويسبورغ ودورتموند".
كما أنَّ هؤلاء القضاة، بحسب رأيه، "هدموا ركنًا من أركان مجتمعنا من دون أن تكون هناك حاجة لذلك" وأرسلوا "رسالة خاطئة تمامًا". وهذا الحكم - بحسب تعبيره - هو "انكسار آخر" أمام أولئك "الذين يتجوّلون وكأنهم مكبِّرات صوت في جميع أنحاء ألمانيا ويدَّعون من دون انقطاع أنَّهم مظلومون وأنَّهم ضحايا".
إنَّ مَنْ يضع مثل سيناريوهات التهديد هذه، لا يعرف من ناحية أخرى الكثير عن جميع مرتديات الحجاب، اللواتي يأسفن على اضطرارهن مرارًا وتكرارًا إلى أن يشرحن أنَّهن لسن مجبرات بأي شكل من الأشكال على ستر شعرهن. كذلك من الجدير بالملاحظة أنَّ السياسيين والسياسيات والصحفيين والصحفيات - الذين ينتقدون في هذه الأيَّام هذا الحكم - يعتقدون أنَّهم يعرفون ماذا يدور في عقول مرتديات الحجاب - مثلاً أنَّ غايتهن من ارتداء الحجاب هي عرضهن لمعتقداتهن الدينية أو عقيدتهن السياسية، وأنَّ تلاميذ المدارس لا يستطيعون تخليص أنفسهم من ذلك.
وهذا "الموروث القديم" وصفه هاينتس بوشكوفسكي مؤخرًا في برنامج حوار الأسبوع على إذاعة دويتشلاند فونك قائلاً: "يجب على المرأة أن تطيع، وعليها أن تكون نقية ومنقادة وهي كذلك ملك زوجها. والرسالة هي: الجدة ترتدي الحجاب والخالات والعمَّات يرتدين الحجاب والأم ترتدي الحجاب وكذلك المعلمة ترتديه أيضًا".
وأضاف هاينتس بوشكوفسكي أنَّ هذا الحكم سوف يساهم في زيادة "الضغط الاجتماعي في المناطق السكنية على المسلمين العلمانيين الليبراليين" زيادة قوية. وبحسب رأي رئيس بلدية منطقة برلين نويكولن المنتهية ولايته فإنَّ القضاة الذين أصدروا هذا الحكم "لا توجد لديهم أية فكرة عمَّا يدور في مناطق وأحياء مثل منطقة نويكولن (البرلينية) - أو في مدينة مانهايم (...) أو في مدينتي دويسبورغ ودورتموند".
كما أنَّ هؤلاء القضاة، بحسب رأيه، "هدموا ركنًا من أركان مجتمعنا من دون أن تكون هناك حاجة لذلك" وأرسلوا "رسالة خاطئة تمامًا". وهذا الحكم - بحسب تعبيره - هو "انكسار آخر" أمام أولئك "الذين يتجوّلون وكأنهم مكبِّرات صوت في جميع أنحاء ألمانيا ويدَّعون من دون انقطاع أنَّهم مظلومون وأنَّهم ضحايا".
إنَّ مَنْ يضع مثل سيناريوهات التهديد هذه، لا يعرف من ناحية أخرى الكثير عن جميع مرتديات الحجاب، اللواتي يأسفن على اضطرارهن مرارًا وتكرارًا إلى أن يشرحن أنَّهن لسن مجبرات بأي شكل من الأشكال على ستر شعرهن. كذلك من الجدير بالملاحظة أنَّ السياسيين والسياسيات والصحفيين والصحفيات - الذين ينتقدون في هذه الأيَّام هذا الحكم - يعتقدون أنَّهم يعرفون ماذا يدور في عقول مرتديات الحجاب - مثلاً أنَّ غايتهن من ارتداء الحجاب هي عرضهن لمعتقداتهن الدينية أو عقيدتهن السياسية، وأنَّ تلاميذ المدارس لا يستطيعون تخليص أنفسهم من ذلك.
زيادة الثقة بالنفس
ومن بين هؤلاء النساء الشابات اللواتي ولدن ونشأن في ألمانيا وحصلن هنا على شهادة أكاديمية أو أنَّهن ما زلن يدرسن ويردن أن يُنظر إليهن على أنَّهن مواطنات من هذا البلد، الشابة المسلمة ذات الأصول التركية إليفجنسو غولار. تدرس هذه الشابة البالغة من العمر خمسة وعشرين عامًا في مدينة هايدلبرغ فقه اللغة الألمانية والتاريخ وعلم التربية والتعليم بهدف التخرّج كمعلمة وسوف تُقدِّم في هذا الخريف 2015 امتحانها الرسمي الشامل الأوَّل. وحجابها لا يمنعها من مواصلة طموحاتها الوظيفية ودراستها لتتخرَّج كمعلمة. وحول ذلك تقول: "لقد قلت لنفسي: مَنْ يعرف يا ترى ماذا سيكون بعد خمسة أعوام".
وإليفجنسو غولار ترتدي الحجاب منذ ربيعها السابع عشر. وحول ذلك تقول لقد كان ارتداؤها الحجاب برغبتها - وقد أدَّى ذلك إلى خلاف داخل الأسرة. وذلك بسبب عدم ترحيب كلّ من والديها وأخيها الأكبر بارتدائها الحجاب. ولذلك فإنَّ أخاها هذا لم يتحدَّث معها أية كلمة قطّ طيلة أربعة أعوام، ولكن في هذه الأثناء عادت علاقتهما طبيعية، مثلما تقول إليفجنسو غولار.
علمت هذه الشابة بهذا الحكم الصادر من مدينة كارلسروه من خلال رسالة نصية، أرسلها لها صديق. وقرأت في هذه الرسالة: "مبروك رفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب"، ولم تكن تعرف في البداية ما هو المقصود بهذه المعلومة. وتقول إليفجنسو غولار: "دخلت مباشرة إلى الإنترنت وتتبّعت الأخبار". غير أنَّ ردة فعلها جاءت مختلفة عن ردة فعل بيتول أولوسوي: إذ إنَّها لم ترقص من الفرح ولم تذرف دموع الفرح، بل تساءلت: "هل سيتغيَّر في الواقع شيء ما؟"
تقول إليفجنسو غولار في البداية خطر على بالها هذا السؤال. ولكنها أيضًا لاحظت - بحسب تعبيرها - وجود تغييرات لديها. وفي هذا الصدد تقول هذه الشابة: "فجأة أصبحت ثقتي بنفسي أكبر. فقد أراحني أن أحصل من جهة رسمية عليا على تأكيد بأنَّني لا أُعتبر بسبب ارتدائي الحجاب مخالفة للدستور وخطيرة".
ولكن في الأيَّام التالية انتاب الشابة إليفجنسو غولار أيضًا شعور شديد بعدم الارتياح، وذلك عندما قرأت تصريحات من السياسيين، الذين عبَّروا عن أنَّ حكم المحكمة هذا يؤيِّدهم في مواقفهم كمدافعين عن الحجاب، حيث ازداد امتعاضها من جميع أولئك السياسيين الذين لم يفعلوا في كلِّ الأعوام الماضية - على حدِّ قولها - أي شيء ضدَّ حظر الحجاب، وأصبح الآن يتم استدعاؤهم إلى وسائل الإعلام كمدافعين عن هذا الحكم.
وبعد هتافات الفرح والبهجة أصبحت أيضًا هذه الشابة البالغة من العمر ستة وعشرين عامًا لا تنتظر الكثير من حكم قضاة المحكمة الدستورية، وذلك لعدم وجود أي وضوح قانوني إطلاقًا في هذا الحكم، مثلما تقول. وفي هذا الصدد تقول دُرّة عجم لون: "لقد تم تحويل المشكلة فقط". صحيح أنَّه صار يجب على المدرسة الآن - مثلما تقول - إثبات وجود خطر ملموس صادر عن المعلمات المحجَّبات مثلها هي، من أجل منع التدريس بالحجاب. بيد أنَّ هذا الحكم يتم تقييده بفقرة تفيد بأنَّه من الممكن إصدار الحظر، عندما يكون هناك "خطر ملموس يهدِّد بالإخلال بالسلام في المدرسة".
وإلى هذا التقييد بالذات يشير أيضًا إردال توبراكياران، مدير المركز الإسلامي في جامعة توبنغن الألمانية. وبالنسبة له أيضًا لا يعتبر هذا الحكم سببًا لفرحة حقيقية. وفي هذا الصدد يقول من الممكن وبكلِّ تأكيد أن تواجه المعلمات المحجَّبات - وخاصة في المناطق الريفية - معارضة وأن يحتج أولياء الأمور ضدَّهن. "وعندما يرفض هؤلاء الآباء تدريس أطفالهم من قبل معلمة محجَّبة، فعندئذ سوف يكون السلام في المدرسة قد تعكَّر"، مثلما يقول إردال توبراكياران.
وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ الباحث الأكاديمي إردال توبراكياران يقدِّم سيناريو آخر، ويقول: من الممكن أيضًا لمدراء المدارس والمعلمين - الذين لا يريدون أن يكون لديهم معلمات محجَّبات في مدارسهم - أن يُثيروا وبصورة دقيقة المشاعر ضدَّ مثل هؤلاء المعلمات ويشجِّعوا أولياء الأمور بشكل غير مباشر على الاحتجاجات.
دراسة تفيد بأنَّ الشباب في ألمانيا لا يعارضون الحجاب
وعلى أية حال يبدو أنَّ التلاميذ وطلاب المدارس لديهم مشكلات مع المعلمات المحجَّبات أقل مما لدى السياسيين والصحفيين الذين يعتمدون على حجة واجب الالتزام بالحياد من قبل المربين والمعلمين، من أجل التعبير عن معارضتهم المعلمات المحجَّبات. وفي اليوم نفسه الذي تم فيه الإعلان عن قرار المحكمة الدستورية الاتِّحادية، تم أيضًا نشر دراسة حول مواقف الشباب وآرائهم في ألمانيا.
ومثلما يُستخلص من هذه الدراسة التي تحمل عنوان "ألمانيا ما بعد الهجرة 2"، فقد وجد واحد وسبعون في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم وتتراوح أعمارهم بين ستة عشر عامًا وخمسة وعشرين عامًا أنَّه يتعيَّن أن يكون من حقِّ المعلمات ارتداء الحجاب أثناء التدريس. ويقول الباحثون المشرفون على هذه الدراسة إنَّ "من بين الذين لا يزالون تلاميذ وتلميذات يوجد حتى أكثر من خمسة وسبعين في المائة عارضوا حظر الحجاب".
وهذه النتيجة تفسِّرها نايكا فوروتان - الباحثة في علم الاجتماع في جامعة هومبولدت ومديرة معهد الدراسات التجريبية للاندماج والهجرة في برلين BIM - على النحو التالي: "يبدو أنَّ الحجاب لا يعتبر بالنسبة للجيل الأصغر إشارة غريبة أو مثيرة للخوف، بل يعدّ وبكلِّ بساطة رمزًا دينيًا خاصًا بديانة شخص آخر".
جنان توبتشو
ترجمة: رائد الباش
ومن بين هؤلاء النساء الشابات اللواتي ولدن ونشأن في ألمانيا وحصلن هنا على شهادة أكاديمية أو أنَّهن ما زلن يدرسن ويردن أن يُنظر إليهن على أنَّهن مواطنات من هذا البلد، الشابة المسلمة ذات الأصول التركية إليفجنسو غولار. تدرس هذه الشابة البالغة من العمر خمسة وعشرين عامًا في مدينة هايدلبرغ فقه اللغة الألمانية والتاريخ وعلم التربية والتعليم بهدف التخرّج كمعلمة وسوف تُقدِّم في هذا الخريف 2015 امتحانها الرسمي الشامل الأوَّل. وحجابها لا يمنعها من مواصلة طموحاتها الوظيفية ودراستها لتتخرَّج كمعلمة. وحول ذلك تقول: "لقد قلت لنفسي: مَنْ يعرف يا ترى ماذا سيكون بعد خمسة أعوام".
وإليفجنسو غولار ترتدي الحجاب منذ ربيعها السابع عشر. وحول ذلك تقول لقد كان ارتداؤها الحجاب برغبتها - وقد أدَّى ذلك إلى خلاف داخل الأسرة. وذلك بسبب عدم ترحيب كلّ من والديها وأخيها الأكبر بارتدائها الحجاب. ولذلك فإنَّ أخاها هذا لم يتحدَّث معها أية كلمة قطّ طيلة أربعة أعوام، ولكن في هذه الأثناء عادت علاقتهما طبيعية، مثلما تقول إليفجنسو غولار.
علمت هذه الشابة بهذا الحكم الصادر من مدينة كارلسروه من خلال رسالة نصية، أرسلها لها صديق. وقرأت في هذه الرسالة: "مبروك رفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب"، ولم تكن تعرف في البداية ما هو المقصود بهذه المعلومة. وتقول إليفجنسو غولار: "دخلت مباشرة إلى الإنترنت وتتبّعت الأخبار". غير أنَّ ردة فعلها جاءت مختلفة عن ردة فعل بيتول أولوسوي: إذ إنَّها لم ترقص من الفرح ولم تذرف دموع الفرح، بل تساءلت: "هل سيتغيَّر في الواقع شيء ما؟"
تقول إليفجنسو غولار في البداية خطر على بالها هذا السؤال. ولكنها أيضًا لاحظت - بحسب تعبيرها - وجود تغييرات لديها. وفي هذا الصدد تقول هذه الشابة: "فجأة أصبحت ثقتي بنفسي أكبر. فقد أراحني أن أحصل من جهة رسمية عليا على تأكيد بأنَّني لا أُعتبر بسبب ارتدائي الحجاب مخالفة للدستور وخطيرة".
ولكن في الأيَّام التالية انتاب الشابة إليفجنسو غولار أيضًا شعور شديد بعدم الارتياح، وذلك عندما قرأت تصريحات من السياسيين، الذين عبَّروا عن أنَّ حكم المحكمة هذا يؤيِّدهم في مواقفهم كمدافعين عن الحجاب، حيث ازداد امتعاضها من جميع أولئك السياسيين الذين لم يفعلوا في كلِّ الأعوام الماضية - على حدِّ قولها - أي شيء ضدَّ حظر الحجاب، وأصبح الآن يتم استدعاؤهم إلى وسائل الإعلام كمدافعين عن هذا الحكم.
تحويل المشكلة
ومن بين الأشخاص الذين فرحوا بهذا الحكم الصادر من مدينة كارلسروه كانت أيضًا دُرّة عجم لون. وهذه المعلمة المتدرِّبة ترتدي الحجاب منذ ربيعها الرابع عشر كما أنَّها أيضًا لم تدع ذلك يمنعها من الدراسة بهدف التخرّج كمعلمة. وهي ابنة لأبوين باكستانيين ولدت في ألمانيا ودرست اللغة الألمانية والفلسفة وعلم الأخلاق وأنهت في الخريف الماضي 2014 امتحانها الرسمي الشامل الثاني.وبعد هتافات الفرح والبهجة أصبحت أيضًا هذه الشابة البالغة من العمر ستة وعشرين عامًا لا تنتظر الكثير من حكم قضاة المحكمة الدستورية، وذلك لعدم وجود أي وضوح قانوني إطلاقًا في هذا الحكم، مثلما تقول. وفي هذا الصدد تقول دُرّة عجم لون: "لقد تم تحويل المشكلة فقط". صحيح أنَّه صار يجب على المدرسة الآن - مثلما تقول - إثبات وجود خطر ملموس صادر عن المعلمات المحجَّبات مثلها هي، من أجل منع التدريس بالحجاب. بيد أنَّ هذا الحكم يتم تقييده بفقرة تفيد بأنَّه من الممكن إصدار الحظر، عندما يكون هناك "خطر ملموس يهدِّد بالإخلال بالسلام في المدرسة".
وإلى هذا التقييد بالذات يشير أيضًا إردال توبراكياران، مدير المركز الإسلامي في جامعة توبنغن الألمانية. وبالنسبة له أيضًا لا يعتبر هذا الحكم سببًا لفرحة حقيقية. وفي هذا الصدد يقول من الممكن وبكلِّ تأكيد أن تواجه المعلمات المحجَّبات - وخاصة في المناطق الريفية - معارضة وأن يحتج أولياء الأمور ضدَّهن. "وعندما يرفض هؤلاء الآباء تدريس أطفالهم من قبل معلمة محجَّبة، فعندئذ سوف يكون السلام في المدرسة قد تعكَّر"، مثلما يقول إردال توبراكياران.
وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ الباحث الأكاديمي إردال توبراكياران يقدِّم سيناريو آخر، ويقول: من الممكن أيضًا لمدراء المدارس والمعلمين - الذين لا يريدون أن يكون لديهم معلمات محجَّبات في مدارسهم - أن يُثيروا وبصورة دقيقة المشاعر ضدَّ مثل هؤلاء المعلمات ويشجِّعوا أولياء الأمور بشكل غير مباشر على الاحتجاجات.
دراسة تفيد بأنَّ الشباب في ألمانيا لا يعارضون الحجاب
وعلى أية حال يبدو أنَّ التلاميذ وطلاب المدارس لديهم مشكلات مع المعلمات المحجَّبات أقل مما لدى السياسيين والصحفيين الذين يعتمدون على حجة واجب الالتزام بالحياد من قبل المربين والمعلمين، من أجل التعبير عن معارضتهم المعلمات المحجَّبات. وفي اليوم نفسه الذي تم فيه الإعلان عن قرار المحكمة الدستورية الاتِّحادية، تم أيضًا نشر دراسة حول مواقف الشباب وآرائهم في ألمانيا.
ومثلما يُستخلص من هذه الدراسة التي تحمل عنوان "ألمانيا ما بعد الهجرة 2"، فقد وجد واحد وسبعون في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم وتتراوح أعمارهم بين ستة عشر عامًا وخمسة وعشرين عامًا أنَّه يتعيَّن أن يكون من حقِّ المعلمات ارتداء الحجاب أثناء التدريس. ويقول الباحثون المشرفون على هذه الدراسة إنَّ "من بين الذين لا يزالون تلاميذ وتلميذات يوجد حتى أكثر من خمسة وسبعين في المائة عارضوا حظر الحجاب".
وهذه النتيجة تفسِّرها نايكا فوروتان - الباحثة في علم الاجتماع في جامعة هومبولدت ومديرة معهد الدراسات التجريبية للاندماج والهجرة في برلين BIM - على النحو التالي: "يبدو أنَّ الحجاب لا يعتبر بالنسبة للجيل الأصغر إشارة غريبة أو مثيرة للخوف، بل يعدّ وبكلِّ بساطة رمزًا دينيًا خاصًا بديانة شخص آخر".
جنان توبتشو
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: موقع قنطرة 2015 ar.qantara.de
السماح للمعلمات المسلمات رسميا بارتداء الحجاب في المدارس الألمانية
Reviewed by Gharam elsawy
on
2:45 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: