الازهر

[الازهر][twocolumns]

مجالس العلماء

[مجالس العلماء][bsummary]

س و ج

[س وج][grids]

حكايات المصريين العائدين من جحيم داعش

نفدنا بجلدنا من الموت وفيديو ذبح الأقباط أصابنا بالهلع
ريمون أخفى ديانته خوفاً من الذبح وتادرس فقد كل أمواله مقابل حياته
“نار البطالة في مصر أهون ألف مرة من جحيم داعش في ليبيا”، هذه الجملة هي لسان حال الشباب المصري العائد من ليبيا أمس عبر معبر السلوم البري، حيث مظاهر الإرهاق والحزن والذعر ترتسم على وجوه العائدين، الذين بلغ عددهم نحو 1050 مصرياً خلال اليومين الماضيين، وهم يحكون عن أهوال ما لاقوه في رحلة البحث عن لقمة العيش بالأراضي الليبية، ورحلة العودة الشاقة إلى أرض الوطن هرباً من هول الإرهاب والحفاظ على الحياة، وإن كانت الأعداد الوافدة على المنفذ البري في السلوم لا ترقى بعد إلى النزوح الجماعي.
بينما تشهد الحدود المصرية- الليبية استنفارًا أمنياً وتعزيزات مكثفة من الجانب المصري، تحسباً لأي هجمات أو ردود أفعال بعد الضربات التي وجهتها القوات المسلة إلى تمركزات تنظيم “داعش”، لكن ذلك لم يمنع تدفق مئات المصريين الناجين بأنفسهم من جحيم الإرهاب.
يقول إبراهيم ضاحي، شاب مصري في العقد الثالث من العمر، لكن ملامحه تمنحه عمرًا أكبر، “أعمل بمدينة بنغازي عامل بناء، وقبل خروجي من مصر باعت أمي مصوغاتها الذهبية حتى أحصل على عقد عمل في ليبيا، وسافرت منذ ستة أشهر، وبرغم الحرب الدائرة في ليبيا كنت أخرج كل صباح إلى المقاهي التي يتجمع فيها العمال المصريون، لأنتظر ليبياً يريد عمالاً لبناء بيته، وكثيراً ما كنت أرجع وليس معي ثمن قوت يومي، و رغم صوت الصواريخ التي تملأ مسامعي كل ليلة كنت أمني نفسي بأن غداً أفضل.
ويكمل إبراهيم بأنه فضل العودة، فالموت في ليبيا يخيم على الطرقات، وصار المشي في شوارع بنغازي مغامرة قد تعود منها حيا أو لا تعود، فخطف المصريين أو الاعتداء عليهم يحدث بشكل دوري، لكن البحث عن لقمة العيش كان يلهمني الصبر كل يوم، حتى شاهدت فيديو ذبح الأقباط فأصبت بالذعر وقررت العودة أنا ومن معي من عشرات العمال المصريين، فنار البطالة والحاجة أهون كثيراً من سكاكين داعش.
يكمل الحديث خليل عبد الرحيم، 35 عاماً من مركز فرشوط بمحافظة قنا، “كنت أعمل مزارعاً في مزرعة خاصة بأحد الليبيين الطيبيين بمنطقه أجدابيا، وعقب نشر فيديو الذبح، أبلغني صاحب المزرعة بأنه خائف على حياتي، وأنه يتمنى أن أبقى معه، لكنه لن يستطيع حمايتي، فقررت العودة إلى مصر، خاصة أن منطقة أجدابيا اشتهرت بحجز سائقي الشاحنات المصرية أكثر من مرة، وبها عدد من الذين يطلقون على أنفسهم الثوار، وهؤلاء لا يتحركون إلا بالبنادق الآلية على أكتافهم، ولذا تركت عملي فاراً بنفسي وحياتي.
شاب آخر رفض الحديث أو التصوير في البداية، سألته عن سبب رفضه للحديث فقال “أنا من نفس المحافظة التي ذبح منها الضحايا، اسمي ريمون سعد.. منذ رؤيتي فيديو ذبح إخوتي على يد داعش وأنا لا أنام، كنت أعمل في مقهى في مدينة البيضاء، وكنت أخفي مسيحيتي، حتى لا أتعرض للاعتداء، فمنذ البداية عندما وصلت إلى البيضاء قال لي الليبيون إن أنصار الشريعة يأتون من فترة لأخرى إلى المدينة، ولا غرض لهم إلا البحث فقط عن الأقباط المصريين، فاضطررت أن أخفى كل ما يدل على ديانتي”.
وتابع ريمون أن بعض الأهالي قالوا له أن أنصار الشريعة يأتون إلى أي مكان يعرفون أن به أقباطاً، ودائماً ما يتحركون في جماعات، ولا يتحدثون كثيراً مع أحد، وهم يعرفون تقريباً أماكن تجمعات الأقباط المصريين ويقومون بالسطو عليها أو الاعتداء عليهم أو طردهم من المدينة، ولا يستطيع أحد من الأهالي التحدث عما يفعلونه، ولا التعرف على أي منهم لأنهم يكونون عادة ملثمين.
المدهش أن ريمون، أكد أنه ينوي العودة إلى ليبيا بعد هدوء الأحوال، ومن أجل هذا رفض التصوير، لأنه لا يمتلك عملا آخر غير السفر إلى ليبيا، ولا يريد أن يكشف أمر ديانته، في حال عودته إلى ليبيا.
يقول أشرف عبد الحميد (36 عاماً) من محافظة المنصورة، “نفدت بجلدي والعمر مش بعزقه.. مشهد ذبح المصريين جعلنا في ليبيا بلا ثمن، قبل نشر الفيديو كنا نهان ونتحمل الكثير من أجل لقمة العيش، لكن بعد الفيديو قررت أعداد كبيرة من المصريين “الأقباط” العودة إلى مصر عبر الحدود الليبية- التونسية، من معبر رأس جدير، خوفاً من أن يخطفهم عناصر داعش المتطرفة وغيرها من الجماعات الإرهابية.
ويقول فخري تادرس ( 28 عامًا) من أسيوط، إنه كان يعمل في محل لبيع الخضراوات في مدينة سوسة، وربح الكثير من المال لدرجة أنه شارك أحد الليبيين في محله، إلا أنه ترك كل أمواله مقابل حياته، وهرب بعد نشر فيديو الذبح، وكان يفكر في العودة عن طريق رأس جدير، على الحدود الليبية- التونسية، إلا أنه خشي من السفر عبر غرب ليبيا، بعدما علم من أصدقاء مصريين أن جماعة “فجر ليبيا” أمهلت المصريين 48 ساعة فقط لمغادرة ليبيا نهائياً، وإلا سيتحمل كل مصري يوجد على أرض ليبيا ثمن بقائه.. وأنهى تادرس حكايته قائلا “أنا سعيد أنني نجوت بحياتي، ولن أعود إلى ليبيا إلا بعد أن يطهرها جيش مصر العظيم من الدواعش وأنصار الشريعة.
وكان منفذ السلوم البري، كما يقول مديره اللواء محمد متولي، قد استقبل على مدار الـ 24 ساعة الماضية نحو 550 مصرياً عائداً من ليبيا، وأن متوسطات الأعداد العائدة من الأراضي المصرية من العمالة المصرية كما هو في الأحوال العادية، ولا يوجد حتى الآن نزوح جماعي للعمالة المصرية، وأضاف أنه بسؤال القادمين أكدوا أن هناك عدداً كبيراً لا يزال مستقراً في أماكن هادئة بعيدة عن الاشتباكات، لكن السلطات المصرية مستعدة لأي حالة طارئة، فوزارة المواصلات قامت بتجهيز 16 حافلة وقطاراً كاملاً لاستقبال العائدين من ليبيا في حالة النزوح الجماعي، والتي لم تحدث حتى الآن، فأعداد القادمين تتراوح بين 200 و300 شخص يومياً، وهذا أقل من متوسط العبور اليومي للعمالة القادمة من ليبيا، إضافة لوصول نحو 150 شاحنة مصرية على مدار يومين تحمل نحو 300 سائق ومساعد.
وقال اللواء العناني حمودة، مساعد وزير الداخلية لأمن مطروح، إن الأجهزة الأمنية بالمنفذ تعمل على سرعة إنهاء إجراءات وصول المصريين العائدين من ليبيا، لمساعدتهم في الوصول إلى محافظاتهم في أقرب وقت ممكن، وأضاف “بالنسبة للعائدين من دون أوراق ثبوتية، يتم التعرف إليهم من خلال أجهزة البحث الجنائي والجوازات ومصلحة الأحوال المدنية، حيث توجد أجهزة اتصال بهذه الهيئات للتعرف على شخصية العائدين من خلال إرسال صورة من جواز السفر أو الرقم القومي، للتأكد من هوية العائد، وعدم تورطه في أي قضايا أو أن يكون صادرا ضده أحكام قضائية، وأكد العناني أن عمليات تأمين الحدود تتم بدقة عالية تحسباً لأي ردود من “داعش”، وتنقسم هذه العمليات إلى 3 قطاعات باستخدام طائرات الاستطلاع والتفتيش بصورة متكررة.

مدير أمن مطروح اللواء العناني حموده
وأكد اللواء علاء أبو زيد، محافظ مرسى مطروح، إنشاء مركز لإدارة الأزمات بالمحافظة لتقديم جميع التسهيلات للمصريين العائدين، وأنه يتابع التطورات أولاً بأول على الحدود المصرية- الليبية من خلال غرفة عمليات رئيسية بديوان عام المحافظة على اتصال مستمر بمنفذ السلوم، وتقوم بعرض الموقف بصفة دورية، مع رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات ونقاط الإسعاف على الطرق المختلفة.

ليست هناك تعليقات: